للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مختلِط بالدم قبل أن تَغْلظَ المِدَّةُ، هذا أصله في اللغة، وفي التفسير: هو ما يسيل من جلود أهل النار (١).

والثاني: هو وصف للماء، وهو فعيل بمعنى مفعول، أي: من ماء مصدود عنه لكراهيته.

وقيل: {صَدِيدٍ} عطف بيان لـ {مَاءٍ}، وذلك أنه لما قال: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ} فأبهمه إبهامًا، ثم بينه بقوله: {صَدِيدٍ} (٢).

{يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (١٧)}:

قوله عز وجل: {يَتَجَرَّعُهُ} فيه وجهان، أحدهما: وصف لـ {مَاءٍ} والثاني: حال من المنوي في (يسقى)، ومعنى يتجرعه: يتكلف جرعه، وهو أن يشرب جرعة جرعة لمرارته وكراهيته (٣).

وقوله: {وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} قيل: دخل (كاد) هنا للمبالغة، يعني: ولا يقارب أن يسِيغه فكيف تكون الإساغة؟ كقوله: {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} (٤)، أي: لم يقرب من رؤيتها فكيف يراها (٥)؟ والإساغة: إجراء الشراب في الحلق مع تقبل النفْس، يقال: ساغ الشرابُ يَسوغ سَوغًا، إذا جاوز الحلْقَ مع سهولة، وسُغته أنا أسُوغه، يتعدى ولا يتعدى، وأسغته إساغة، وهو لغة التنزيل كما ترى.

{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٨)}:


(١) انظر جامع البيان ١٣/ ١٩٥. وانظر المعنى اللغوي في الصحاح (صدد).
(٢) قاله الزمخشري ٢/ ٢٩٧.
(٣) كذا في زاد المسير ٤/ ٣٥٣.
(٤) سورة النور، الآية: ٤٠
(٥) انظر هذا القول في الكشاف الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>