للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الوجوه صحيحة فاشية حسنة على الأصول، وإذا كان كذلك فلا وجه لمن ضعف هذه القراءة وعدها من اللحن (١)، ولو لم يكن لها إلا وجه واحد لا يحل لمسلم أن يقدم على الطعن في شيء ثبتت روايته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[مع صحة مخرجه، فالرَّادُّ عليه كالرَّاد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] (٢) وبالكسر قرأ الأعمش، ويحيى بن وثابٍ، وحمران بن أعين وغيرهم رحمهم الله (٣).

وقوله: {بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} في (ما) ثلاثة أوجه:

أحدهما: مصدرية، و (مِن) متعلقة بـ {أَشْرَكْتُمُونِ}، على معنى: إني كفرت الآن بإشراككم إياي مع الله في الطاعة {مِنْ قَبْلُ}، أي: من قبل هذا اليوم، يعني في الدنيا. ومعنى كُفْرِهِ بإشراكهم إياه: تبرُّؤه منه واستنكاره له.

والثاني: موصولة، أي: كفرت اليوم بالذى، أي: بالصنم الذي أشركتمونيه، أي: جعلتموه لي شريكًا من حيث أطعتموه كما أطعتموني، تقول: شركت زيدًا، فإذا نقلته بالهمزة، قلت: أشركنيه فلان، أي: جعلني له شريكًا.

والثالث: بمعنى مَنْ، و (مِن) متعلقة بكفرت، أي: كفرت من قبل، يعني في زمن آدم - عليه السلام - حين أبيتُ السجود له.


(١) إشارة إلى الأخفش ٢/ ٤٠٧. والزجاج ٣/ ١٥٩. والنحاس ٢/ ١٨٣. والزمخشري ٢/ ٣٠٠.
(٢) سقطت هذه العبارة من (ب). وفي معناه نقلوا عن أبي القاسم القشيري - رحمه الله - قوله: والذي يغني عن هذا أن ما يثبت بالتواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز أن يقال فيه هو خطأ، أو قبيح، أو رديء، بل هو في القرآن فصيح، وفيه ما هو أفصح منه، فلعل هؤلاء أرادوا أن غير هذا الذي قرأ به حمزة أفصح. انظر جامع القرطبي ٩/ ٣٥٧.
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٧٥. وإعراب النحاس ٢/ ١٨٢. وحجة الفارسي ٥/ ٢٩. وقد تقدمت ترجمة الأولين، وأما حُمران بن أَعْيَن: فمقرئ كوفي كبير، أخذ القراءة عن يحيى بن وثاب، وقرأ عليه حمزة الزيات، إلا أنهم ضعفوه في الحديث. توفي سنة ثلاثين ومائة. (تهذيب الكمال - معرفة القراء).

<<  <  ج: ص:  >  >>