للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفسق: الخروج عن الشيء، من قولهم: فَسَقَتِ الرُّطَبَةُ، إذا خرجت من قشرها (١)، والفاسق في الشريعة: الخارج عن أمر الله بارتكابه ما نهاه الله عنه.

وقوله: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا}: قد جُوِّزَ أن يكون من قول الله، وأن يكون من قول الكافرين. وأما قوله: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} فمن قول الله ليس إلا.

والجمهور على ضم الياء وكسر الضاد على البناء للفاعل، وهو الله تعالى، ونَصْبِ قوله: {كَثِيرًا} و {الْفَاسِقِينَ}.

وقرئ: بضم الياء وفتح الضاد فيهما على البناء للمفعول (٢)، ورفع ما بعدهما تعظيمًا لفاعل الفعل، وهو الله سبحانه.

{الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٢٧)}:

قوله عز وجل: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ}: {الَّذِينَ}: في محل النصب إن جعلته صفة للفاسقين، أو أَضمرتَ له فعلًا. أو في محل الرفع إن جعلته خبر مبتدأٍ محذوف، أي: هم الذين، أو مبتدأ، وقوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} الخبر.

وقوله: {مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ}: قيل: في {مِنْ} وجهان:

أحدهما: أن تكون لابتداء غاية الزمان، كأنه قيل: ابتداء النقض للعهد من بعد أخذ الميثاق، أي: من ذلك الوقت.

والثاني: أن تكون مزيدة على قول من جَوَّزَ ذلك. والضمير في {مِيثَاقِهِ} للعهد، أو لاسم الله.


(١) كذا في الصحاح (فسق). ومعالم التنزيل ١/ ٥٩.
(٢) هي قراءة زيد بن علي كما في الكشاف ١/ ٥٨، والبحر المحيط ١/ ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>