للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تُركتْ همزتُه لكثرة الاستعمال بعد أن ألقيت حركتها على اللام، فقيل: مَلَكٌ كما ترى، والوزن (مَعَلٌ)، فلما جُمع ردت إليه وترك على أصله بعد القلب فقيل: ملائكة، والوزن (معافلة) ولو جُمع على أصله قبل القلب لقيل: مآلِكَة، بوزن: (مفاعِلة).

والثاني: أن أصله (مَلأَكٌ) وليس فيه قلب، والوزن (مَفْعَل)، وأن أَلُوكَة وزنها (عَفُولة) وأن التركيب من لأك إذا أرسل، لغة محكية حكاها الأكابر (١). فاللام فاء الكلمة، والهمزة عينها وأنشدوا:

٦٣ - أَلِكْنِي إِليها وخَيْرُ الرَّسُو ... لِ أَعْلَمُهُم بنواحِي الخَبَرْ (٢)

قال عبد القاهر (٣): والأصل أَلْئِكْني، ثم خففت الهمزة على العادة، فنُقلت حركتها إلى اللام الساكنة، فصار ألكني، فإذا قلت: ألئكني، دل على أن اللام فاء، والهمزة عين على النظام الذي نجده في (ملأك) انتهى كلامه، ثم حذفت الهمزة لِما ذكرت آنفًا بعد نقل حركتها إلى اللام، فبقي (مَلَكٌ) كما ترى، والوزن (مفل)، فلما جمع ردّت إليه فقيل: ملائكة، والوزن مفاعلة.

والثالث: أن أصله (مَلْوَكٌ) من لاك الشيء في فمه يلوكه: إذا أداره وعَلَكَه، ومنه: لاكَ الفرسُ اللجامَ، لأن المُرْسَلَ يدير الرسالةَ في فمه ويلوكها، ثم قلبت الواو ألفًا بعد نقل حركتها إلى اللام، فبقي مَلاكٌ، كمقالٍ، ثم حذفت الألف استخفافًا، فبقي مَلَك، والوزن (مَفَلٌ)، فلما جُمع


(١) ذكرها مكي في المشكل ١/ ٣٦ عن أبي عبيد، وفي الكتاب لسيبويه ٤/ ٣٨٠ عن شيخه الخليل: مألكة وملأكة بمعنى الرسالة. وانظر المحرر الوجيز فقد قدم (لأك) على (ألك).
(٢) لأبي ذؤيب الهذلي، انظره في معاني الفراء ٣/ ٧٧، وشرح ديوان الهذليين ١/ ١١٣، والطبري ٢٦/ ١٥٨، والخصائص ٣/ ٤٧٤، والصحاح (لوك). والماوردي ١/ ٩٣، والمخصص ١٢/ ٥٢٥.
(٣) هو الجرجاني أبو بكر شيخ العربية، كان آية في النحو، له عدة مصنفات منها: المغني في شرح الإيضاح كتاب الأستاذ أبي علي الفارسي ثم اختصره بالمقتصد، وله كتاب إعجاز القرآن وغيره، توفي سنة إحدى وسبعين وأربعمائة (سير الذهبي - نزهة الألباء).

<<  <  ج: ص:  >  >>