للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: كان هنا بمعنى صار، أي: وصار من الكافرين (١).

{وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥)}:

قوله عز وجل: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ} السكنى من السكون، لأنها نوع من اللَّبْثِ والاستقرار.

و{أَنْتَ} تأكيد للمستتر في {اسْكُنْ} لِيَحْسُنَ العطف عليه. ولو قلت: اسكن وزيدٌ، من غير تأكيد لم يحسن، وإنما لم يحسن لأن الفاعل مع الفعل كجزء من أجزائه، فلو عُطِفَ عليه من غير تأكيدٍ لَظُنَّ أنه عُطف على الفعل، وعَطْفُ الاسم على الفعل لا يجوز.

وكُلْ: وزنه (عُلْ) والأصل: أُوكُل، فلما حذفت الهمزة الساكنة التي هي فاء الفعل تخفيفًا، البمتُغنِي عن همزة الوصل، لتحرك العين الذي هو الكاف، ومثله خذ، ولا يقاس عليه، فلا تقول في أمِنَ يَأْمَنُ: مَنْ، وقد يستعمل في بعضه الحذف والأصل، وهو مُرْ وأْمُر، وفي التنزيل: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} (٢).

قال صاحب الكتاب رحمه الله: ولا يجوز أن تقيس هذا فتقول في أخذ: أُوخذ، بل عليك أن تتابعهم، وتقف حيث يقفون، فإن حذفوا حذفًا لازمًا لم تستعمل الأصل، وإن لم يحذفوا لم تحذف، وإن استعملوا الأمرين: الحذف والأصل استعملْتَهما كذلك، انتهى كلامه (٣).

وقوله: {مِنْهَا}: (من) لابتداء الغاية، والضمير في {مِنْهَا} للجنة، أي: من جَنَاها، ثم حذف المضاف للعلم به، وأقيم المضاف إليه مُقامه.


(١) كذا في النكت والعيون ١/ ١٠٣، ومعالم التنزيل ١/ ٦٣، ونسبه ابن الجوزي ١/ ٦٥ إلى قتادة.
(٢) سورة طه، الآية: ١٣٢.
(٣) الكتاب ١/ ٢٦٥ - ٢٦٦. وهو محكي بالمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>