للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدها. يقال: وَفَى بكذا، وأوفى وَوفَّى بمعنىً، وأصلها الإتمام، غير أن التشديد قد يكون فيه معنى التكثير، وقد ورد القرآن بهن.

فإن قلت: أين (وَفَى) في القرآن؟ قلت: في قوله جل وعز: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ} (١)، لأن أفعل التفضيل لا يُبْنَى إلا من الثلاثي في الأمر العام. والوفاء ضد الغدر.

{أُوفِ}: جزم لكونه جوابًا لشرط محذوف. والجمهور على تخفيف الفاء، وقرئ: (أُوَفِّ) بالتشديد (٢) على التأكيد، أي: أبالغ في التوفية بعهدكم، كقوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (٣).

{وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}: (إياي) منصوب بفعل مضمر دل عليه هذا الظاهر، أي: إياي ارهبوا فارهبون. ويجوز في الكلام: وأنا فارهبون، على الابتداء والخبر، كما تقول: زيدٌ فاضربه، والنصب أحسن لكونه أمرًا، ولكونه عطفًا على جملة فعلية، فالتجانس به يحصل، أعني بالنصب.

فإن قلت: هل يجوز أن يكون منصوبًا بهذا الفعل الظاهر وهو {فَارْهَبُونِ}؟ قلت: لا، لأن {فَارْهَبُونِ} فكل استوفى مفعوله، وهو ياء النفْس، وإنما حُذفتْ تخفيفًا، ولكونه رأسَ آيةٍ (٤).

ومعنى ارهبون: خافون، يقال: رَهِب فلان يَرهَب بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر رهَبْةً بالفتح والإسكان، ورُهْبًا بالضم والإسكان، ورَهَبًا بالفتح والتحريك، إذا خاف.


(١) سورة التوبة، الآية: ١١١.
(٢) نسبت إلى الزهري، انظر إعراب النحاس ١/ ١٦٧، والمحتسب ١/ ٨١، والمحرر الوجيز ١/ ١٩٧.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٦٠. وانظر المحتسب الموضع السابق.
(٤) انظر هذا الإعراب أيضًا معاني الزجاج ١/ ١٢١، وإعراب النحاس ١/ ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>