للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمعنى الوعد، وهو هنا مصدر بمعنى الوعد، وفي الكلام حذف مضاف، تقديره: مكان موعد، أي: مكان وعد، فحذف المضاف، و (المكان) في قوله: {مَكَانًا سُوًى} بدل من المكان المقدر المحذوف (١).

ولك أن تجعل {مَكَانًا سُوًى} ظرفًا لقوله: {لَا نُخْلِفُهُ}، ولا حذف على هذا في الكلام، والهاء في {لَا نُخْلِفُهُ} للموعد وهو بمعنى الوعد، أي: فاجعل بيننا وبينك وعدًا لا نخلفه نحن ولا أنت في مكان تستوي مسافته على الفريقين، فتكون مسافة كل فريق إليه كمسافة الفريق الآخر، فالفائدة منوطة بالصفة لا بالموصوف الذي هو المكان، ولولا الصفة لما جاز أن يكون {مَكَانًا} ظرفًا لقوله: {لَا نُخْلِفُهُ} لعدم الفائدة فيه، ومنع بعضهم ذلك لما ذكرت آنفًا، فاعرفه فإن فيه أدنى غموضٍ وإشكال.

ولك أن تجعل {مَكَانًا} مفعولًا ثانيًا لقوله: {فَاجْعَلْ} لا ظرفًا له واقعًا موقع المفعول الثاني كما زعم بعضهم (٢) كقولك: ظننت خروجك اليوم، وعلمت ركوبك غدًا، لأنك إن حملته على ذلك جعلتَ المبتدأ الذي يلحقه جعلتُ وظننتُ (ونحوه)، موعدًا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانًا قصدًا، فتنصب المكان كما تنصب اليوم في قولك: القتال اليوم. والموعد إذا وقع بعده ظرف لم تُجْرِهِ العربُ معه مجرى سائر المصادر مع الظروف، لكنهم يتسعون فيه ويرفعون، كقوله جل ذكره: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ} (٣) برفع الصبحُ و {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} (٤) بالرفع أيضًا، وعليه جمهور القراء، ولا تقول على قياس موعدك الصبح: مَرْجِعُكَ، وَلَا مَقْعَدُكَ السُّوق، بل تنصبهما على الظرف، فاعرفه فإنه من كلام الشيخ أبي علي - رحمه الله - (٥).


(١) كذا في الكشاف ٢/ ٤٣٨. وقال ابن الأنباري ٢/ ١٤٣: بدل من (موعدًا).
(٢) ذكره الفارسي في الحجة ٥/ ٢٢٤ - ٢٢٧ ورده. وانظر القرطبي ١١/ ٢١٣.
(٣) سورة هود، الآية: ٨١.
(٤) من الآية التالية.
(٥) في الحجة الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>