للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ} (هم) مفعول أول و {حَصِيدًا} ثان، وكذا {خَامِدِينَ}، وذلك أن المفعول الأول الذي هو (هم) في الأصل مبتدأ، والمنصوبان بعده خبران له، كقولك: هذا حُلْوٌ حَامِضٌ، فلما دخل عليها جعل نصبها جميعًا على المفعولية، وجاز أن يكون لِجَعَلَ ثلاثة مفاعيل، لأن حكم الاثنين الأخيرين حكم الواحد، وذلك أن معنى قول القائل: جعلته حلوًا حامضًا، جعلته جامعًا للطعمين، وكذلك معنى ذلك جعلناهم جامعين لمماثلة الحصيد والخمود (١).

والحصيد: الزرع المحصود، أي: جعلناهم مثل الحصيد، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، فلذلك لم يجمع كما لا يجمع المقدر وهو المثل.

ومعنى {خَامِدِينَ}، ميتين، كخمود النار إذا أطفئت. فإن قلت: هل يجوز أن يكون {خَامِدِينَ} حالًا من الهاء والميم؟ قلت: لا يبعد ذلك، غير أن الأول أمتن.

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (١٦) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (١٧)}:

قوله عز وجل: {لَاعِبِينَ} نصب على الحال من النون والألف في {خَلَقْنَا}.

وقوله: {إِنْ كُنَّا} إن هنا تحتمل أوجهًا: أن تكون نافية بمعنى (ما) على أن الكلام قد تم عند قوله: {مِنْ لَدُنَّا} ثم ابتدأ فقال: {إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} أي: ما كنا فاعلين ذلك. وأن تكون شرطية. وأن تكون بمعنى لو، أي: لو كنا فاعلين ذلك لاتخذناه من لدنا ولكنا لسنا بفاعلين لكونه مستحيلًا منا.


(١) انظر هذا الإعراب وتوجيهه في الكشاف ٣/ ٥ أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>