للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٢٩) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (٣٠) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣٢)}:

قوله عز وجل: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا} قرئ: (مُنْزَلًا) بضم الميم وفتح الزاي (١)، وهو إما مصدر بمعنى: إنزالًا، أو موضع إنزال، فيكون مفعولًا به ثانيًا لأنزلني، وقد استوفى مفعوليه، وعلى الوجه الأول أحد مفعوليه محذوف وهو دار أو مكان أو نحو ذلك.

وقرئ: (مَنزِلًا) بفتح الميم وكسر الزاي (٢)، وهو يحتمل أيضًا أن يكون مصدر نزل، دل عليه {أَنْزِلْنِي}، وأن يكون موضع نزول.

وقوله: {وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ} (إن) هي المخففة من الثقيلة عند أهل البصرة، واللام هي الفارقة بين النافية وبينها، واسمها مضمر وهو ضمير الشأن والأمر، أي: وإن الشأن كنا مبتلين، وعند أهل الكوفة: هي النافية بمعنى (ما)، واللام بمعنى (إلا)، أي: ما كنا إلا مبتلين (٣)، أي: مختبرين بهذه الآيات عبادنا من بعد قوم نوح لننظر من يعتبر ويَذّكّر، كقوله: {وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (٤).

وقوله: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} يحتمل أن تكون {أَنِ} مصدرية في موضع نصب لعدم الجار وهو الباء، أو جر على إرادته، أي: أرسلناه بعبادة الله والتوحيد. وأن تكون مفسرة لأرسلنا [بمعنى] (٥)، أي: عارية عن المحل،


(١) هذه قراءة الجمهور كما سوف أخرج.
(٢) قرأها عاصم في رواية أبي بكر وحده. انظرها مع قراءة الجمهور في السبعة / ٤٤٥/. والحجة ٥/ ٢٩٣. والمبسوط / ٣١٢/.
(٣) انظر المذهبين أيضًا في البيان ٢/ ١٨٣.
(٤) سورة القمر، الآية: ١٥.
(٥) من (أ) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>