للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: بمعنى شيء، وهو الموصوف ويراد به وقت أو زمان، و {قَلِيلٍ} صفة له لا بدل منه كما زعم بعضهم، لأن قليلًا لا يكون إلا تابعًا لشيء قبله من وقت أو زمان في الأمر العام.

والأصل في {لَيُصْبِحُنَّ} يصبحون، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين هي ونون التأكيد، وبقيت ضمة الحاء تدل على الواو المحذوفة. و {نَادِمِينَ} خبر للإصباح، لأنه بمعنى الصيرورة، أي: يصيرون نادمين.

{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (٤٢) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (٤٣) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (٤٤) ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٤٥) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (٤٦)}:

قوله عز وجل: {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً} أي: هَلْكَى مثل الغثاء، وهو بالجملة السيل مما قد بَلِي واسودّ من الورق والحشيش وغيرهما. وقال أبو الحسن: هو ما احتمله الماء من الزّبد والقذى (١).

وقوله: {فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} انتصابه على المصدر، وهو من المصادر التي نُصبت بأفعال لا يستعمل إظهارها (٢)، وهو هنا يحتمل أن يكون من البُعْدِ الذي هو ضد القرب، أي: أبعدهم الله من الخير فبعدوا منه بُعْدًا، فحذف الفعل والفاعل، ثم بين باللام في قوله: {لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} لما حذف الفاعل ليعلم أن البعد لهم. وأن يكون من البعد الذي هو الهلاك، أي:


(١) انظر قول أبي الحسن الأخفش والذي قبله في النكت والعيون ٤/ ٥٤.
(٢) مثل: سقيًا، ورعيًا، وخيبة، وبؤسًا وسحقًا، وتعسًا، وتبًا. وانظر كتاب سيبويه ١/ ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>