للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومحله النصب على الحال من الرسل، أي: أرسلناهم متواترين، أي: متتابعين واحدًا بعد واحد، من الوتر وهو الفرد، وحقيقته أنه مصدر في موضع الحال، ويجوز أن يكون مصدرًا مؤكدًا على بابه، كضربت زيدًا ضربًا، حملًا على المعنى، لأن {أَرْسَلْنَا} بمعنى واترنا، كأنه قيل: [واترنا] رسلنا وترًا، أو تترىً، وقد جُوِّز أن يكون نعتًا لمصدر محذوف، أي: إرسالًا متواترًا (١).

وقوله: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} جمع أحدوثة، وهي ما يتحدث به الناس تعجبًا، قال أبو الحسن: إنما يقال هذا في الشر، تقول في الشر: صار فلان أحدوثة، وفي الخير: صار فلان حديثًا (٢).

وقوله: {هَارُونَ} بدل من {أَخَاهُ} أو عطف بيان له.

{فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (٤٧)}:

قوله عز وجل: {لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} البشر يكون واحدًا بشهادة قوله: {بَشَرًا سَوِيًّا} (٣)، وجمعًا بدليل قوله: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} (٤). و (مثل) كلمة تسوية، يوصف بها الاثنان والجمع والمؤنث والمذكر بلفظ واحد لكونها في حكم المصدر، وقد يثنى ويجمع فيقال: هما مثلاه، وهم أمثاله، وفي التنزيل: {عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} (٥). {ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} (٦).


(١) انظر هذا الوجه في التبيان ٢/ ٩٥٥ أيضًا.
(٢) كذا هذا القول عن أبي الحسن الأخفش في معالم التنزيل ٣/ ٣٠٩. وجامع القرطبي ١٢/ ١٢٥. قلت: لكن قال أبو عبيدة في المجاز ٢/ ٥٩، وعنه النحاس في معانيه ٤/ ٤٦٠: لا يقال في الخير: جعلته حديثًا. وانظر الطبري ١٨/ ٢٤.
(٣) سورة مريم، الآية: ١٧.
(٤) سورة مريم، الآية: ٢٦.
(٥) سورة الأعراف، الآية ١٩٤.
(٦) سورة "محمد" - صلى الله عليه وسلم -: الآية: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>