للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللام في آخر الكلام للفرق بينها وبين إن النافية التي بمعنى (ما)، نحو: إنْ زيدٌ لقائمٌ، ولا لامَ هنا سوى الجارة. قلت: يجوز أن يقدر قارئه: لَلِما متاعُ بلامين: الأولى الفارقة، والثانية الجارة، ثم حَذَفَ الفارقةَ وبَقَّى الجارة في اللفظ كالعوض منها كراهة اجتماع المثلين وإن كانت حركتهما مختلفة، وإلا فلا وجه لرفع (كلُّ)، فاعرفه (١).

{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧)}:

قوله عز وجل: {وَمَنْ يَعْشُ}: الجمهور على رفع الشين، وهو من عَشَا يَعْشُو عَشْوًا. والعَشْوُ عن الشيء: الإعراض عنه، والعَشْوُ إليه: قَصدُهُ والميلُ إليه، يقال: عشا إلى ناره، أي: قصدها، وعشا عنها، أي: أعرض عنها وتركها. أي: ومن يعرض عن ذكر الرحمن.

وقرئ: (وَمن يَعْشَ) بفتح الشين (٢)، وهو من عَشِيَ يَعْشَى، إذا صار أعشى، أي: ومن يعم عنه. وهو من ذوات الواو، والياء في عَشِيَ منقلبة عن الواو، وكذا الألف، ولهذا تقول النحاة: العَشَا تكتب بالألف في عشا (٣).

وقرئ: (يَعْشُو) بالواو (٤)، على أن (من) موصولة عارية عن معنى الشرط، وينبغي على هذه القراءة أن يكون (نُقَيّضُ) مرفوعًا، ولا أعرف فيه نقلًا (٥).


(١) المحتسب ٢/ ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٢) قرأها قتادة، ويحيى بن سلام البصري كما في المحرر الوجيز ١٤/ ٢٥٧. والبحر المحيط ٨/ ١٥ - ١٦. والدر المصون ٩/ ٥٨٦. ونسبها القرطبي ١٦/ ٨٩ إلى ابن عباس رضي الله عنهما، وعكرمة.
(٣) انظر إعراب النحاس ٣/ ٩٠ قال: والدليل على ذلك أنه يقال: امرأة عشواء.
(٤) قرأها زيد بن علي كما في البحر المحيط ٨/ ١٦. والدر المصون ٩/ ٥٨٧.
(٥) انظر الكشاف ٣/ ٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>