قوله عز وجل:{مَثَلُ الْجَنَّةِ} لمحيل: صفة الجنة التي وعد المتقون دخولها أن فيها أنهارًا، فحذف (أنَّ)، واختلف في إعرابه:
فقيل:{مَثَلُ الْجَنَّةِ} مبتدأ، و (أن فيها) خبره، فلما حذف (أن) قامت الجملة وهي {فِيهَا أَنْهَارٌ} مقام الخبر.
وقيل: التقدير فيما نَقُصُّ عليكم مَثَلُ الجنة، أي: صفتها، فهو مبتدأ محذوف الخبر.
وقيل: المثل هو المعروف، والتقدير: مثل الجنة التي وعد المتقون جناتٌ فيها أنهار، فحذف جنات، وهذا ليس بالمتين، لأن الموصوف إذا كانت صفته جملة لا يجوز حذفه عند أصحابنا البصريين، و (جناتٌ) موصوف، و {فِيهَا أَنْهَارٌ} صفته، وهي جملة.
وقيل:{مَثَلُ} صلة، والتقدير: الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار، فـ (الجنةُ) مبتدأ، و {فِيهَا أَنْهَارٌ} خبره.
وعن الكسائي تقديره: مثل أصحاب الجنة التي وعد المتقون كذلك، فـ {مَثَلُ الْجَنَّةِ} على هذا مبتدأ، و {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ} الخبر، فاعرفه (١).
وقوله:{فِيهَا أَنْهَارٌ} يجوز أن يكون داخلًا في حكم الصلة كالتكرير لها، ألا ترى أنك لو قلت: التي فيها أنهار، لكان أَسَد كلام. وأن يكون خبر مبتدأٍ محذوف، أي: هي فيها أنهار، على تقدير سؤال سائل: وما
(١) انظر هذه الأوجه مع قول الكسائي في إعراب النحاس ٣/ ١٧١ - ١٧٢. ومشكل مكي ٢/ ٣٠٦ - ٣٠٧.