للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} أي: وأعطاهم جزاء تقواهم. وقيل: أعانهم عليها، ووفقهم لها (١). والمنوي في (زاد) لله جل ذكره، وقيل: لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- (٢).

وقوله: {أَنْ تَأْتِيَهُمْ} الجمهور على فتح {أَنْ تَأْتِيَهُمْ} على أنها مصدرية، ومحلها النصب على البدل من {السَّاعَةَ}، وهو من بدل الاشتمال، وقرئ: (إنْ تأتهم) بالكسر (٣)، والوقف على {السَّاعَةَ} على أنها شرطية مستأنفة، وفي جوابها وجهان:

أحدهما: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}، والشك الذي يحتمله الكلام مردود إلى العباد، أي: إن شكوا في مجيئها بغتة فقد جاء أشراطها فهلا توقعوها وتأهبوا لوقوعها مع دواعي العلم بذلك لهم إلى حال وقوعها.

والثاني: {فَأَنَّى لَهُمْ ... ذِكْرَاهُمْ}، على معنى: إدن تأتهم الساعة بغتة فكيف لهم ذكراهم؟ أي: تذكرهم واتعاظهم إذا جاءتهم الساعة، يعني لا تنفعهم الذكرى حينئذٍ، كقوله: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} (٤) وعلى هذا الوجه وهو أن يكولن جواب الشرط: {فَأَنَّى لَهُمْ}، وعلى قراءة الجمهور أيضًا يكودن قوله: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} متصلًا بإتيالن الساعة اتصال العلة بالمعلول، كما تقول: إن أكرمني فلان فأنا حقيق بالإكرام أكرمه.

و{بَغْتَةً}: مصدر في موضع الحال من المستكن في {أَنْ تَأْتِيَهُمْ} على القراءتين.


(١) انظر النكت والعيون ٥/ ٢٩٨.
(٢) انظر القولين في معاني الزجاج ٥/ ١١. ومعاني النحاس ٦/ ٤٧٦. والمحرر الوجيز ١٥/ ٦٣. وزاد المسير ٧/ ٤٠٣. وفيه أقوال أخرى انظرها في النكت والعيون الموضع السابق.
(٣) رواها أبو جعفر الرؤاسي عن أهل مكة، وهي هكذا في بعض مصاحف الكوفيين. انظر معاني الفراء ٣/ ٦١. وجامع البيان ٢٦/ ٥٢. وإعراب النحاس ٣/ ١٧٣ - ١٧٤. وإعراب القراءات السبع ٢/ ٣٢٤. ومختصر الشواذ/ ١٤٠/. والمحتسب ٢/ ٢٧٠. والكشاف ٣/ ٤٥٦. والمحرر الوجيز ١٥/ ٦٤.
(٤) سورة الفجر، الآية: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>