للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} ابتداء وخبر، والكناية عن السدرة. وقرئ: (جَنَّهُ المأوى) (١)، على أنه فعل ومفعول وفاعل، والكناية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفيه وجهان:

أحدهما: أدركه المأوى، من قولهم: جَنَّهُ الليلُ، إذا أدركه، وجن عليه الليل وأَجَنَّهُ، إذا ألبسه سواده.

والثاني: ستره بظلاله ودخل فيه.

وقوله: {إِذْ يَغْشَى} (إذ) ظرف لـ {رَآهُ} ومعمول له، أي: رآه حين كان يغشى سدرة المنتهى ما يغشاها من أمر الله.

وقوله: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} يحتمل أوجهًا:

أن تكون {الْكُبْرَى} صفة لمحذوف هو مفعول {رَأَى}، والتقدير: والله لقد رأى الآية الكبرى من آيات ربه، و {مِنْ} يجوز أن تكون من صلة {رَأَى}، وأن تكون حالًا من المقدر المذكور آنفًا، أي: كائنة من آيات ربه.

وأن تكون {الْكُبْرَى} في موضع جر على النعت لـ {آيَاتِ رَبِّهِ} على إرادة الجماعة في المنعوت، وله نظائر في التنزيل، نحو: {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً} (٢)، و {مَآرِبُ أُخْرَى} (٣)، و {حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ} (٤)، ومفعول {رَأَى} أيضًا محذوف، والتقدير: والله لقد رأى آياتٍ من آياتِ ربه الكبرى. و {مِنْ آيَاتِ} يجوز أن تكون من صلة {رَأَى}، وأن تكون في موضع نصب على النعت للمفعول المذكور آنفًا، أي: كائناتٍ من آيات ربه.


(١) بالهاء، وهي قراءة علي، وابن الزبير، وأبي هريرة وأنس، وأبي الدرداء -رضي الله عنهم-، وزر بن حبيش، وقتادة، ومحمد بن كعب. انظر مختصر الشواذ ١٤٦ - ١٤٧. والمحتسب ٢/ ٢٩٣ والكشاف ٤/ ٣٩. والمحرر الوجيز ١٥/ ٢٦٣.
(٢) سورة الصف، الآية: ١٢.
(٣) سورة طه، الآية: ١٨.
(٤) سورة النمل، الآية: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>