للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و {مِنْ} على هذين الوجهين تبعيضية، ويجوز أن تكون صلةً، و {آيَاتِ رَبِّهِ} هي مفعول {رَأَى}، و {الْكُبْرَى} صفتها على التأويل المذكور آنفًا، ولا حذف على هذا في الآية، فاعرفه فإنه موضع.

{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى}:

قوله عز وجل: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} {اللات} وما عطف عليه مفعول أول لقوله: {أَفَرَأَيْتُمُ}، لأنه يقتضي مفعولين لكونه بمعنى علمتم، والمفعول الثاني محذوف، والتقدير: أفرأيتم هذه الأصنام التي اتخذتموها آلهة فاعلة شيئًا مما ذكرنا لكم، وقادرةً على بعض ما نقدر عليه؟

وقيل: المفعول الثاني قوله: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى} (١). قال بعض أصحابنا: وهذا إنما يكون أيضًا بإضمار، والتقدير: أفرأيتم هذه الأصنام حاكمة بأن يكون لكم الذكر وله الأنثى.

وعن أبي علي: أن التقدير: أفرأيتم جعلتم اللآت والعزى ومناة بنات الله؟ قلت: لم يُرِدْ أبو علي أنّ {أَرَأَيْتُمُ} بمعنى: جعلتم، وإنما يريد -والله أعلم- أن الجعل مضمر، والتقدير: أخبروني عن هذه الأصنام التي جعلتموهن بنات الله هل فعلت شيئًا مما يجوز لأجله أن يُعْدَلَ بالله؟ لا ورب الكعبة.

وبعد، فإن أصل {اللَّاتَ وَالْعُزَّى} لَوْيَةٌ، فَعْلة من لَوَى على الشيء يَلْوِي، إذا عكف عليه، لأنهم كانوا يَعْكُفون عليها، والتاء فيه للتأنيث. وقيل: هو من لَتَّ السويق، إذا بَلَّهُ بالماء. وقيل: كان رجلًا يَلْتّ السويق للحاج، فلما


(١) قاله صاحب البيان ٢/ ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>