للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذا، وكانت أحوال المطيعين كذا، أو فكان الأمر كما ذكر. وقيل: الجواب مضمر والتقدير: فإذا جاءت الطامة الكبرى عرفوا سوء عاقبتهم، أو عرف كل واحد من الفريقين ما يستحقه.

وقوله: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى} الجمهور على الياء النقط من تحته، والمنوي فيه {لِمَنْ يَرَى}، أي: للرائين جميعًا، أي: لكل من له عين، أي: تُظْهَرُ إظهارًا بيّنًا حتى يراها أهل الموقف جميعًا. وقرئ: بالتاء النقط من فوقه (١)، وفي الذكر الذي فيه وجهان، أحدهما: للجحيم، أي لمن تراه الجحيم، كقوله: {إذَا رَأَتهُم مِن مَكَانِ بَعِيدٍ} (٢). والثاني: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: لمن ترى أنت يا محمد، والخطاب له عليه الصلاة والسلام، والمراد به الناس كقراءة الجمهور.

و(ما) في قوله: {مَا سَعَى} يجوز أن تكون مصدرية، أي: سعيه، وأن تكون موصولة، أي: الذي سعاه في الدنيا، أي: ما عمله في الدنيا من خير أو شر.

وقوله: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى} (مَن) موصولة في موضع رفع بالابتداء، ونهاية صلتها {الدُّنْيَا}، والخبر {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى}، والفاء جواب (أما) لما فيه من معنى الشرط، والتقدير: هي المأوى له، لا بد من هذا التقدير ليعود على المبتدأ - الذي هو {مَنْ} - مِن الخبر ذكر، وإنما حذف لطول الكلام. وقيل التقدير: فإن الجحيم هي مأواه، فسد الألف واللام مسد العائد، والأول مذهب أهل البصرة، والثاني: مذهب أهل الكوفة (٣). و {هِيَ} فصل أو مبتدأ.


(١) قرأها عكرمة كما في مختصر الشواذ / ١٦٨/. والمحتسب ٢/ ٣٥١. والكشاف ٤/ ١٨٣. والمحرر الوجيز ١٦/ ٢٢٥ حيث أضافها ابن عطية إلى عائشة - رضي الله عنها -، ومالك بن دينار أيضًا. كما نسبت في زاد المسير ٩/ ٢٤ إلى أبي مجلز، وابن السميفع.
(٢) سورة الفرقان، الآية: ١٢.
(٣) انظر المذهبين في إعراب النحاس ٣/ ٦٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>