للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١٤٧)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} مبتدأ وخبر، ولك أن تجعله خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الحق، كما تقول: مررتُ برجلٍ كريمٍ زيدٌ، على تقدير: هو زيد، و {مِنْ رَبِّكَ} على هذا الوجه يحتمل أن يكون في محل النصب على الحال، وأن يكون خبرًا بعد خبر.

وقد جُوِّزَ أن تكون اللام في {الْحَقُّ} للعهد، والإشارة إلى الحق الذي عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو إلى الحق الذي في قوله: {لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ} (١)، أي: هذا الذي يكتمونه هو الحق من ربك. وأن تكون للجنس، على معنى: الحق من الله لا من غيره، يعني أن الحق ما ثبت أنه من الله، كالذي أنت عليه، وما لَمْ يثبت أنه من الله كالذي عليه أهل الكتاب فهو الباطل (٢).

والجمهور على رفع قوله: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} وقد ذَكرتُ وجهه، وقرئ: (الحقَّ) بالنصب (٣)، وذلك يحتمل وجهين:

أن يكون بدلًا من الأول، أي: يكتمون الحَقَّ الحَقَّ من ربك (٤).

وأن يكون منصوبًا بـ {يَعْلَمُونَ} (٥).

ولك أن تنصبَ على الإغراء (٦).


(١) من الآية السابقة.
(٢) من كلام الزمخشري في الكشاف ١/ ١٠٢.
(٣) رواية شاذة عن علي رضي الله عنه أنه قرأها. انظر إعراب النحاس ١/ ٢٢٢، ومختصر الشواذ / ١٠/، ومشكل مكي ١/ ٧٤، والكشاف ١/ ١٠٢، والمحرر الوجيز ٢/ ١٤، والتبيان ١/ ١٢٦.
(٤) هذا الوجه للزمخشري ١/ ١٠٢ مقتصرًا عليه.
(٥) من الآية السابقة. ولم يذكر مكي ١/ ٧٤، والعكبري ١/ ١٢٦ غير هذا الوجه.
(٦) في (د): ولك أن تقصد .. وذكر هذا الوجه مع الوجه الذي قبله ابن عطية ٢/ ١٤. وانظر الأوجه الثلاثة في البحر ١/ ٤٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>