للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحبًا لبلده، ولو كان على الحق للزم قبلة الأنبياء (١).

وقيل: المراد بالناس العرب، و {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} استثناء منهم.

والمعنى: لئلا يكون للعرب عليكم حجة واعتراض في استقبالكم القبلة التي هي قبلة إبراهيم وإسماعيل {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} وهم أهل مكة حين يقولون: بدا له فرجع إلى قبلة آبائه ويوشك أن يرجع إلى دينهم (٢).

فالاستثناء على هذين الوجهين متصل، وقيل: هو منقطع والمعنى: لكن الذين ظلموا فإنهم يحتجون بالباطل، فالمراد بالناس على هذا الوجه اليهود، وبـ {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا}؛ مشركو مكة (٣)، وذلك أن اليهود فيما فسر كانوا يحتجون على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعلى المؤمنين في صلاتهم إلى بيت المقدس ويقولون: ما دَرَى محمد وأتباعه أين قبلتهم؟ حتى هديناهم نحن، ويخالفنا في ديننا، ويتبع قبلتنا، فلما صُرِفت القبلة إلى الكعبة بطلت هذه الحجة، ثم قال: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} وهم المشركون، فإنهم قالوا: قد تحير محمد في دينه، فتوجه إلى قبلتنا، وعلم أنّا أهدى سبيلًا منه، ويوشك أن يرجع إلى ديننا.

والوجه: أن يكون متصلًا، يشهد له وينصره قوله: {مِنْهُمْ}.

والجمهور على كسر الهمزة وتشديد اللام في قوله: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} وهو حرفُ إيجاب، وقرئ: (أَلَا الذين) بفتح الهمزة وتخفيف اللام (٤)، وهو حرف تنبيه، وتقف على هذه القراءة على {حُجَّةٌ} ثم تستأنف منبّهًا قائلًا: أَلَا


(١) كذا قال الزمخشري ١/ ١٠٣. وكون (الناس) هنا: أهل الكتاب، أخرجه الطبري ٢/ ٣١.
(٢) كذا أيضًا في الكشاف الموضع السابق، وكون (الناس) هنا: العرب، هو قول السدي عن أشياخه. انظر زاد المسير ١/ ١٥٩.
(٣) قاله الطبري ٢/ ٣١ - ٣٢.
(٤) في (أ): وقرأ ابن عباس أَلَا ... وهي منسوبة إليه وإلى زيد بن علي رضي الله عنهم، وابن زيد، انظر مختصر الشواذ/ ١٠/ والكشاف ١/ ١٠٣، والمحرر الوجيز ٢/ ١٨، والقرطبي ٢/ ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>