للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني، كما تقول مبتدئًا: أَلَا فلانًا فأعرض عنه وأقبل عليّ. فمحل (الذين) على هذه القراءة إما الرفع على الابتداء والخبر {فَلَا تَخْشَوْهُمْ}، وإما النصب على إضمار فعل، فاعرفه (١).

وقوله: {وَلِأُتِمَّ} يَحتمل أن تكون عطفًا على اللام الأولى وهي {لِئَلَّا يَكُونَ}، أو على علة مقدرة، كأنه قيل: واخشوني لأوفقكم ولأتم نعمتي عليكم، وأن تتعلق بمحذوف دلى عليه الكلام، كأنه قيل: ولإتمامي النعمة عليكم وإرادتي اهتداءكم أمرتكم بذلك، أو عرفتكم قِبلتي، وما أشبه هذا.

و{عَلَيْكُمْ}: يحتمل أن يكون من صلة (أُتم)، وأن يكون من صلة محذوف على أنَّه في موضع نصب على الحال من {نِعْمَتِي}.

{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (١٥٢) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {كَمَا أَرْسَلْنَا} الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، و (ما) مصدرية، أي: لعلكم تهتدون اهتداء مثل إرسالنا، أو: ولأتم نعمتي عليكم إتمامًا مثل إرسالنا، أو: نعمة مثل إرسالنا.

وقيل: التقدير: كما ذكرتكم بإرسال الرسول فاذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب، روي هذا الوجه عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، وهو اختيار أبي إسحاق وغيره من العلماء، فيكون أيضًا في موضع نصب على أنَّه نعت لمصدر (اذكروني)، أي: اذكروني ذكرًا مثل إرسالي، وتكون الفاء على


(١) كذا أعربها ابن عطية ٢/ ١٨ على هذه القراءة.

<<  <  ج: ص:  >  >>