للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول عزَّ وجلَّ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} اسم {إِنَّ} قوله {لَآيَاتٍ}، والخبر فيما قبلها.

والخلق: مصدر. وقيل: بمعنى المخلوق، والأولُ أمتن.

{وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي}: الفُلْكُ: يكون واحدًا وجمعًا بلفظٍ واحدٍ؛ لأنَّ فُعْلًا وفَعَلًا قد اشتركا كثيرًا في الإفراد، كالعُجْم والعَجَم، والبُخْل والبَخَل والسُقْم والسَقَم، فكذلك اشتركا في الجمع، فكُسِّرَ كلُّ واحد منهما على فُعْل، فمن الجمع قوله: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ}، وقوله: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} (١) ومن المفرد قوله: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (٢).

فالضمة التي في الجمع مخالفةٌ للضمة التي في المفرد، كما أن الضمةَ في أُسْدٍ مخالفةٌ للفتحة في أَسَدٍ، غير أن ذلك الاختلاف تقديري، وهذا لفظيٌّ، ونظير هذا قولهم: نافةٌ هِجان، ونوق هِجانٌ، فالكسرة التي في قولك: ناقة هِجان غير التي في قولك: نوق هِجان، وكذلك الضمة التي في قولك في الترخيم: يا مَنْصُ على لغة من قال: يا حارُ غير الضمة في قولك: يا منصُ على لغة من قال يا حارُ، هذا مذهب الأكابر من أهل هذه الصناعة (٣).

ومَن زعم أن الضمة التي في {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ}، كالتي في {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} وشبههما من الاختلاف التقديري، فذاك من سلامة صدره، وجوابُهُ السكوتُ. والفُلْك يذكّر على إرادة الواحد، ويؤنث على معنى الجمع.


(١) سورة يونس، الآية: ٢٢.
(٢) سورة يس، الآية: ٤١.
(٣) انظر كتاب سيبويه ٣/ ٥٧٧، والتبيان ١/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>