للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: لا ترفُثوا ولا تفسُقوا.

والثالث: على معنى الإخبار بانتفاء الجدال، كأنه قيل: ولا شك ولا خلاف في الحج. وذلك أن قريشًا - على ما ذُكر - كانت تخالف سائر العرب، فتقف بالمشعر الحرام، وسائر العرب يقفون بعرفة، وكانوا يقدمون الحج سنةً ويؤخرونه سنةً، وهو النسيء، فَرُدَّ إلى وقت واحد، وَرُدَّ الوقوف إلى عرفة.، فأخبره الله جل ذكره أنه قد ارتفع الخلاف في الحج (١).

و{فِي الْحَجِّ} على هذا الوجه خبر {وَلَا جِدَالَ} فحسْب، وخبر الأولين محذوف، كأنه قيل: ليس فيه رفث، ولا فيه فسوق. ولا يجوز أن يكون {فِي الْحَجِّ} خبرًا عنهن؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن يكون {فِي الْحَجِّ} مرفوعًا منصوبًا، لاختلاف العاملَين، وذلك مَحال لا يقوله ذو لُب.

وقوله: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ}: شرط منصوب بتفعلوا، و {تَفْعَلُوا} مجزوم به، ونظيره قوله تعالى: {أَيًّا مَا تَدْعُوا} (٢)، فقوله: {أَيًّا} منصوب بـ {تَدْعُوا} و {تَدْعُوا} مجزوم به، وعلامة الجزم في الموضعين حذف النون.

{مِنْ خَيْرٍ}: في موضع نصب على التمييز، والمميَّز (ما)، والمميِّز {مِنْ خَيْرٍ} وقد مضى الكلام على هذا عند قوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} بأشبع من هذا (٣).

{يَعْلَمْهُ اللَّهُ}: مجزوم بجواب الشرط، والهاء في {يَعْلَمْهُ اللَّهُ} للخير.

{وَتَزَوَّدُوا}: أي الخير، دل عليه قوله {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ


(١) اللفظ لصاحب الكشاف ١/ ١٢٢، وانظر الأصل في جامع البيان ٢/ ٢٧٤ - ٢٧٥.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ١١٠.
(٣) انظر إعراب الآية: (١٠٦) من هذه السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>