للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرئ أيضًا: (فبَهَتَ الذي كفر) بفتح الباء والهاء (١)، وذلك يحتمل ثلاثة أوجه:

أحدهما: أن يكون الفعل لازمًا، ويكون {الَّذِي} فاعلًا.

والثاني: أن يكون متعديًا يعضده: {فَتَبْهَتُهُمْ} (٢) فعدّاه كما ترى، أي: تُدهشهم، و {الَّذِي} مفعولًا، ويكون فاعل الفعل إبراهيم - عليه السلام -، أي: فغلب إبراهيمُ الضالَّ.

والثالث: أن يكون فاعلُ الفعل: الكافرَ، أي: فبهت الذي كفر إبراهيمَ، أي أراد أن يبهته، كقوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} (٣)، أي: إذا أردتم القيام. وأفصح اللغات ما عليه الجمهور وهو (بُهِت) بضم الباء وكسر الهاء، لأنه يقال: رجل مبهوت، ولا يقال: باهت، ولا بَهِيت، عن الكسائي.

{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩)}.

قوله عز وجل: {أَوْ كَالَّذِي} مهو الكاف في موضع نصب على العطف على معنى الكلام دون اللفظ، كأنه قيل: أرأيت كالذي حاج إبراهيم، أو كالذي مر على قرية؟ أو أرأيت مثل الذي مر على قرية؟ ودل على هذا المحذوف


(١) نسبت في المحتسب الموضع السابق إلى ابن السميفع، ونعيم بن ميسرة.
(٢) سورة الأنبياء، الآية: ٤٠.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>