للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كَمَثَلِ حَبَّةٍ}: في موضع رفع بحق خبر الابتداء، ولا بد من حذف مضاف، أي: مَثَلُ إنفاقهم، أو مثل نفقتهم كمثل حبة، لأن الذين ينفقون لا يشبَّهُون بالحبة، أو مثلهم كمثل باذرِ حبةٍ.

{أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ}: في موضع النعت لحبة، والمُنْبِتُ في الحقيقة هو الله تعالى، وإنما أسند الإِنبات إلى الحبة إذ كانت سببًا، كما يسند إلى الأرض وإلى الماء، لما ذَكَرْتُ آنفًا.

{فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ}: ابتداء وخبر في موضع الصفة لسنابل، ولك أن تجعل الجملة في موضع النصب على أنها صفة لقوله: {سَبْعَ}.

فإن قلتَ: لمَ أتى المميِّز على جمع الكثرة دون القلة التي هي السنبلات، كما جاء في قوله: {وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ} (١)؟ قلت: يتسعون في ذلك فيستعملون كل واحد من الجمعين مكان الآخر، لاشتراكهما في الجَمْعِيَّة، وقد ذُكر فيما سلف (٢).

وقرئ في غير المشهور: (مائةَ حبة) بنصب المائة (٣) على تأويل: أنبتت، أو أخرجت مائة حبة، وسنبلة: فُنْعُلَةٌ، لقولهم: أسبل الزرع، بمعنى سَنْبَلَ، إذا صار فيه السُّنْبُلُ، يقال: أَسْبَلَ الزرعُ وسَنْبَلَ، إذا خَرَجَ سُنْبُلُهُ.

وأصل مائة: مِئْيَةٌ (٤)، والأصل: مِئًى كمِعًى، وإنما حُذفت تخفيفًا، وعوضت منها التاء، وتجمع بالواو والنون، أو الياء والنون، وكَسْرُ الميم، وبعضهم يضمها، وعن الأخفش: مِئاتٌ كمِعاتٍ (٥).


(١) سورة يوسف، الآية: ٤٣.
(٢) انظر في إعراب الآية: ٢٢٨.
(٣) نسبها النحاس ١/ ٢٨٦ إلى يعقوب الحضرمي، وحكاها ابن عطية ٢/ ٣١٠ عن أبي عمرو الداني.
(٤) كذا نص العكبري ١/ ٢١٣ أيضًا.
(٥) حكاه عن الأخفش: الجوهري في الصحاح (مأىٍ).

<<  <  ج: ص:  >  >>