قوله عز وجل:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ}{الَّذِينَ}: رفع بالابتداء، وتمام صلته {وَلَا أَذًى}.
{مَا أَنْفَقُوا}: {مَا} موصولة، وما بعدها صلتها، والعائد محذوف. ويحتمل أن تكون مصدرية فلا تحتاج إلى العائد، وهي مفعولٌ أولُ لقوله:{ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ} و {مَنًّا} ثان. وألف {أَذًى} منقلبة عن ياء، ولذلك تمال في الوقف.
{لَهُمْ أَجْرُهُمْ}: ابتداء وخبر، والجملة في موضع رفع بحق خبر {الَّذِينَ}.
والعامل في {عِنْدَ} ما تعلق به خبر قوله: {أَجْرُهُمْ}.
فإن قلت: هنا {لَهُمْ أَجْرُهُمْ}، وفيما بعد {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ}(١) هل بينهما فرق من جهة الإِعراب والمعنى أم لا؟ قلت: نعم: بينهما فرق من جهة الإِعراب والمعنى. وذلك أنك إذا قلت: الذي يأتيني له درهم، لم تُضَمِّنِ الموصولَ معنى الشرط، فلذلك لم تأت بالفاء في خبره. وإذا قلت: الذي يأتيني فله درهم، ضمنتَهُ معناه، فاحتيج إلى الفاء لذلك.
والفرق بينهما من جهة المعنى: أن الفاء فيها دلالة على أن الدرهم استحق بالإِتيان، كما يكون في قولك: إن يأتني شخص فله درهم، وسقوطها عارٍ عن تلك الدلالة، وكذا في الآية: دلت الفاء على أن الأجر استحق بالإِنفاق، وحذفها عارٍ عن ذلك، فاعرف الفرقان بينهما، وقس عليه نظائرهما.