للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْلِموا بها غيركم. قيل: وهو من الأَذَنِ أيضًا، وهو الاستماع؛ لأنه من طُرق العلم (١)، يقال: أَذِنَ بالشيء، إذا علم به، وأَذِنَ له، إذا استمع، أَذَنًا فيهما، وإذا أَعلموا ذلك غيرَهم فقد عَلِموا هم، والمعنى: فاعلموا بمحاربة الله ورسوله إياكم.

{لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}: الجمهور على تسمية الفاعل في الفعل الأول، وترك تسميته في الثاني. وروى المُفَضَّلُ عن عاصمٍ (٢): (لا تُظْلَمونَ ولا تَظْلِمونَ) بالعكس (٣)، وتَقْدِمَةُ الفاعل على المفعول، كتَقدِمة المفعول على الفاعل؛ لأن الواو لا ترتيب فيها. والمعنى: لا تظلِمُون أحدًا بطلب الزيادة على رأس المال، ولا تظلمون بالنقصان عن رأس المال.

{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠)}.

قوله عز وجل: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} (كان) هنا تامة، والموصوف محذوف، أي: وإن وقع غريم من غرمائِكُم {ذُو عُسْرَةٍ}، أي: ذو إعسار، وعليه الجمهور. وقد جُوِّزَ أن تكون ناقصة على حذف الخبر، أي: إن كان ذو عسرة غريمًا لكم، والوجه هو الأول (٤).

وقرئ: (وإن كان ذا عسرة) (٥) على أنها ناقصة أي: وإن كان الغريم ذا


(١) الكشاف ١/ ١٦٦. وانظر الصحاح (أذن).
(٢) تقدمت ترجمة الإمام عاصم بن أبي النجود، والمفضل هو ابن محمد الضبي الكوفي المقرئ، كان من جلة أصحاب عاصم، وكان علّامة راوية للأخبار موثقًا، توفي سنة ثمان وستين ومائة. (تاريخ بغداد - معرفة القراء).
(٣) كذا في السبعة / ١٩٢/، والحجة ٢/ ٤١٣، والتذكرة ٢/ ٢٧٨.
(٤) جوز النصب: الأخفش ١/ ٢٠٣، والطبري ٣/ ١١٠. وقدماه. كما جوزه النحاس ١/ ٢٩٥، وابن عطية ٢/ ٣٥٤، وأبو البقاء ١/ ٢٢٥.
(٥) نسبت إلى عثمان، وأُبي، وعبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنهم. انظر معاني الفراء ١/ ١٨٦، وتفسير الطبري ٣/ ١١٠، وإعراب النحاس ١/ ٢٩٥، وإعراب القراءات السبع ١/ ١٠٤، والكشاف ١/ ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>