للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: للتأكيد، كقوله: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} (١).

{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨٣)}.

قوله عز وجل: (فَرُهُنٌ) (٢) يحتمل أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: فالتوَثُّقُ رُهُنٌ. وأن يكون مبتدأ والخبر محذوف، أي: فعليكم رُهن مقبوضة، أو فرهن مقبوضة تكفي من ذلك.

ويجوز نصبه في الكلام على تقدير: فارتهنوا رُهُنًا.

ورُهُنٌ: يحتمل أن يكون جمع رَهْنٍ، كسُقُفٍ في جمع سَقْفٍ، وأن يكون جمعَ رهان. (ورهانٌ): جمع رَهْن، ككبش وكباش، وكعب وكعاب. والرَّهْنُ في الأصل: مصدر قولك: رهنتُ الشيءَ أرهنُهُ رَهْنًا، وهو هنا بمعنى مرهون، كخَلْقِ اللَّه، وضَرْبِ الأميرِ. وقرئ: (فَرُهْنٌ) بإسكان الهاء (٣)، وهو مخفف من رُهُن.

قوله تعالى: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ} لك أن تأتي بهمزة ساكنة بعد الذال فتقول {الَّذِي اؤْتُمِنَ}، وأن تُبْدِلَ منها ياء ساكنة لسكونها وانكسار ما قبلها فتقول: (الَّذِيْتُمِنَ) كما ترى، فالياء التي في اللفظ بدل من الهمزة الساكنة التي هي فاء


(١) سورة الأنعام، الآية: ٣٨. والقول مع شاهده ذكره الرازي في الموضع السابق أيضًا، كما ذكر الزمخشري ١/ ١٦٧ فائدة أخرى، قال: ذَكَرَ (الدين) ليرجع الضمير إليه في قوله: (فاكتبوه) إذ لو لم يذكر لوجب أن يقال: فاكتبوا الدين، فلم يكن النظم بذلك الحسن. وانظر فوائد أخرى في التفسير الكبير.
(٢) هذا على القراءة الأخرى الصحيحة، وبها قرأ ابن كثير، وأبو عمرو. وقرأ الباقون: (فرهان) كما هو عليه الضبط في مصحفنا. انظر السبعة/١٩٤/، والحجة ٢/ ٤٤٢ - ٤٤٤، والمبسوط/ ١٥٦/.
(٣) هذه قراءة ابن كثير، وأبي عمرو في رواية أخرى عنهما. انظر السبعة والحجة في الموضعين السابقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>