للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١٥٦)}:

قوله عز وجل: {وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ} (إذَا) نصب بقوله: {وَقَالُوا}، وجاز أن يعمل فيه {قَالُوا} وهو ماض، و {إِذَا} لِما يستقبل، ولم يجز أعطيتك إذا آتيتني، إذ المراد بإذا هنا حكاية الحال الماضية، كما تقول: حين يضربون في الأرض.

{أَوْ كَانُوا غُزًّى}: عطف على {ضَرَبُوا}، وهو جمع غازٍ، كعافٍ وعُفًّى، ويجمع على غُزاة، كقاضٍ وقُضاة، وعلى غَزِيٍّ، كقاطن وقَطِينٍ، وعلى غُزَّاءٍ، ككافر وكُفَّار.

وقرئ: بتخفيف الزاي (١) على حذف التاء، كأنه أريد غزاة، ثم حذفت التاء منه، والذي جَسَّره على ذلك عدم اللبس، وذلك أن التاء تدل على الجمع، وقد حصل ذلك من نفس الصيغة، ويحتمل أن يكون مخففًا من غُزى كراهية التضعيف، وتخفيف المضعف كثير شائع في كلام القوم.

وقوله: {لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} اللام متعلقة بفعل دل عليه الكلام، أي: حملهم على ذلك القول ليجعله حسرة في قلوبهم. ولك أن تعلقها بقوله: {قَالُوا} على أن تجعل اللام لام العاقبة، كالتي في قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} (٢)، أي: قالوا ذلك واعتقدوه، ليكون لهم حسرة (٣) في قلوبهم، أي: ليصير أمرهم إلى


(١) نسبت إلى الزهري، والحسن. انظر إعراب النحاس ١/ ٣٧٣، والمحتسب ١/ ١٧٥، والمحرر الوجيز ٣/ ٢٧٦.
(٢) سورة القصص، الآية: ٨.
(٣) في (ب): ليكون لهم (مسرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>