للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان، و {غَلِيظَ الْقَلْبِ}: خبر بعد خبر. وقد جوز أن يكون بدلًا؛ لأن الفظاظة: الغلظ، والفَظُّ: الجافي، وأصله: فظِظٌ كحَذِرٌ، فأُدغم، يقال: فظِظْتَ يا رجلُ تَفَظُّ، بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر، فظاظةً.

والغليظ القلب: القاسي القلب، أي: ولو كنت جافيًا قاسيًا لتفرقوا عنك. والفضُّ: الكَسْرُ بالتفرقة، ومنه: فَضَضْتُ خَتْمَ الكتابِ (١).

وقوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} أي: استخرج آراءهم، واعلم ما عندهم. والمشاورة في اللغة: أن تُظهر ما عندك وما عند صاحبك، مأخوذ من شِرْتُ الدابةَ. وشوَّرته، إذا استخرجتَ جَرْيَهُ (٢)، وعلمتَ خَبَره. يقال: شاورت مشاورة وشِوارًا، والاسم: المَشُورَةُ.

قيل: والأمر هنا جنس، وهو عام يراد به الخاص، تعضده قراءة من قرأ: (وشاورهم في بعض الأمر) وهو ابن عباس - رضي الله عنهما - (٣).

وقوله: {فَإِذَا عَزَمْتَ}. أي: فإذا قطعت الرأي على شيء بعد الشورى، يقال: عزمت على كذا عَزْمًا وعُزْمًا بالضم، وعَزيمةً وعَزيمًا، إذا أردت فعله وقطعت عليه.

وقرئ: (فإذا عزمتُ) بضم التاء (٤)، على إسناد الفعل إلى الله تعالى، إذ ذاك بهدايته وتوفيقه، كما قال: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (٥)، أي: فإذا عزمتُ لك على شيء وأرشدتُك إليه فتوكل عليَّ واعمل به ولا تشاور بعده أحدًا. ثم وُضع الظاهرُ موضعَ المضمَر للتفخيم والتعظيم، وهو كثير شائع في كلام القوم.


(١) كذا شرحه الجوهري (فضض).
(٢) في (ط): رأيه.
(٣) انظر قراءته أيضًا في المحتسب ١/ ١٧٥، والمحرر الوجيز ٣/ ٢٨١، والقرطبي ٤/ ٢٥٠.
(٤) نسبت إلى جابر بن زيد، وأبي نهيك، وجعفر بن محمد، وعكرمة. انظر إعراب النحاس ١/ ٣٧٥، والمحتسب ١/ ١٧٦، والمحرر الوجيز ٣/ ٢٨١.
(٥) سورة الأنفال، الآية: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>