للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهن جُمَعَ (١). وقد ذكرت علل القراءات ووجوهها في الكتاب الموسوم بـ (الدرة الفريدة في شرح القصيدة) بأشبع من هذا، فأغنى ذلك عن الإعادة هنا.

و{الصِّرَاطَ} يذكر ويؤنث، كالطريق والسبيل (٢)، والمراد به طريق الحق، وهو ملة الإسلام. والسراط، والطريق، والسبيل، نظائر في اللغة.

{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)}:

قوله عز وجل: {صِرَاطَ الَّذِينَ} بدل من {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}. وهو بدل الشيء من الشيء، وهو هو، وكلاهما معرفة، وهو في حكم تكرير العامل، كأنه قيل: اهدنا الصراط المستقيم، اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، كما قال: {لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} (٣). وفائدة البدل: التوكيد، لما فيه من البيان والإيضاح.

و{الَّذِينَ}: اسم مبهم مبني ناقص يحتاج إلى صلة وعائد، وصلته {أَنْعَمْتَ} وعائده الهاء والميم، ويوصل بأربعة أشياء: بالفعل والفاعل، وبالمبتدأ والخبر، وبالشرط والجزاء، وبالظرف.

ويأتي الكلام على الصلة والموصول عند قوله عز وجل: {بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} بأشبع من هذا إن شاء الله (٤) وعلة بنائه أنه لم يستقل بنفسه، واحتاج


(١) يعني بالقراءات الأربعة: بالصاد، والسين، والزاي، وحرف بين الصاد والزاي وهو الإشمام، وقد قرأ بهن القراء المعتبرون، انظر كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد ١٠٥ - ١٠٦. والحجة ١/ ٤٩. والمبسوط ٨٦ - ٨٧. والكشف ١/ ٣٤ - ٣٥.
(٢) انظر في تذكير وتأنيث هذه الألفاظ الثلاثة: المذكر والمؤنث لابن الأنباري ٤٥٧ - ٤٦١.
والمخصص ١٧/ ١٧. وقالا: ولا نعلم أحدًا من العلماء باللغة أنث (الصراط) إلا ما روي عن يحيى بن يعمر، وهو حجة إن صحت الرواية عنه. قلت: ذكره الأخفش في معانيه ١/ ٨ ونقله عنه النحاس في إعرابه ١/ ١٢٣، قال الأخفش: وأهل الحجاز يؤنثون الصراط كما يؤنثون الطريق والسبيل والسوق والزقاق والكلّاء، وبنو تميم يُذكّرون هذا كله.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ٧٥.
(٤) انظر إعرابه للآية (٤) من البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>