للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ما يَنْضَمُّ إليه من الصلة، إذ لو قلت: جاءني الذي، لم يكن كلامًا، كما أنك لو قلت: دفعت إلى، وسكتَّ، لم يتضح المقصودُ حتى تأتي باسم تضمُّه إليه. والألف واللام فيه زائدتان.، وتعريفه بالصلة، يدل على ذلك أنك تجد أسماء موصولة مثله مُعَرَّاة من الألف واللام، وهي مع ذلك معرفة، وتلك: مَنْ، وما، وأي نحو: ضربتُ مَن عندك، وأكلتُ ما رزقني الله، ولأضرِبَنَّ أَيُّهم يجلس، فَتَجِدُهُنَّ معارفَ بما تبِعَهُنَّ من صِلاتِهنَّ دون اللام، غير أن اللام وإن كانت زائدة فهي لا تفارقه.

فإن قيل: فما كانت الحاجة إلى زيادة اللام في (الذي) ونحوه، حتى إنها لما زيدت لزمتْ ولم تفارقه؟ قيل: إن (الذي) إنما وقع في الكلام توصلًا إلى وصف المعارف بالجمل، وذلك أن الجمل نكراتٌ، ألا تراها تجري أوصافًا على النكرات في نحو قولك: مررت برجُلٍ أبوهُ منطلقٌ، ونظرت إلى رجُل قام أبوه، فلما أريد مثل هذا في المعرفة، لم يمكن أن تقول: مررت بزيد أبوه كريمٌ، على أن تكون الجملة وصفًا لزيد، لأنه قد ثبت أن الجملة نكرةٌ، ومحال أن توصف المعرفة بالنكرة، فجرى هذا في الامتناع مجرى امتناعهم أن يقولوا: مررت بزيد كريم، على الوصف، فلما كان كذلك، أتوا بـ (الذي) متوصلين به إلى وصف المعارف بالجمل، وجعلوا الجملة التي كانت صفة للنكرة صلة للذي، فقالوا: مررت بزيد الذي أبوه منطلق، وألزموه الحرف الذي وضع للتعريف - وهو اللام - تحسينًا للفظ، ولئلا يحصل التنافر إذا قالوا: جاءني زيد لذٍ أخوه منطلق.

وواحد {الَّذِينَ}: لَذٍ، كعَمٍ، فلما دخلته الألف واللام ولزمتا عادت الياء كما تعود في قاضٍ ونحوه، فقيل: (الَّذي).

وأصله أن يكتب بلامين، إلا أنهم حذفوا إحداهما لكثرة الاستعمال تخفيفًا، وجرى الجمع على الواحد، إذ هو مبني مثله، وكُتب المثنى بلامين على الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>