للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحفظ الله إياهن في وصيته الأزواجَ بهن في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - لكونه قال: "استوصوا بالنساء خيرًا" (١).

والجمهور على رفع اسم الله تعالى، وقرئ: (بما حفظ اللَّهَ) بالنصب (٢)، على أن (ما) موصولة أو موصوفة، وفي كلا الوجهين في {حَفِظَ} ذِكْرٌ مرفوعٌ يرجع إلى (ما)، أي: بالذي، أي: بشيء حفظ حقَّ اللَّهِ وأمانتَه، وهو التعفف والتحصن والشفقة على الرجال والنصيحة لهم على ما فسر (٣)، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

وقد جُوِّزَ أن تكون (ما) على هذه القراءة مصدرية، أي: بحفظهن أمرَ اللَّه، ذكره أبو محمد وغيره (٤). وهذا وإن كان صحيحًا من جهة المعنى فاسد من جهة الإعراب، وذلك أن (ما) إذا كانت مصدرية كانت حرفًا، وإذا كانت حرفًا خلا {حَفِظَ} من ذكر يعود إليه، فيبقى الفعل بلا فاعل، والفعل لا بد له من الفاعل، فوجب أن تكون (ما) موصولة، أو موصوفة على ما قُرِّرَ وشُرح قبيل ليس إلّا، فاعرفه (٥).

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - وغيره: (فالصوالحُ قوانتُ حوافظُ) على فواعل (٦)، وهو جمع تكسير يدل على الكثرة، وجمع التصحيح موضوع


(١) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري في النكاح، باب الوصاة بالنساء (٥١٨٦)، ومسلم في الرضاع، باب الوصية بالنساء (١٤٦٨).
(٢) قرأ بها أبو جعفر يزيد بن القعقاع وحده من العشرة. انظر المبسوط/ ١٧٩/، والنشر ٢/ ٢٤٩.
(٣) الكشاف ١/ ٢٦٦.
(٤) ذكره أبو محمد مكي بن أبي طالب في المشكل ١/ ١٨٩. وعنده: (بحفظهن الله). وقال ابن عطية ٤/ ١٠٥: والمعنى يحفظن الله في أمره.
(٥) انظر مثل هذا التعليل أيضًا في معاني الفراء ١/ ٢٦٥، والبيان ١/ ٢٥٢، والتبيان ١/ ٣٥٤.
(٦) انظر قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في معاني الفراء ١/ ٢٦٥، وإعراب النحاس ١/ ٤١٣. والكشاف ١/ ٢٦٦. والمحرر الوجيز ٤/ ١٠٤. ونسبها ابن جني في المحتسب ١/ ١٨٧ إلى طلحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>