للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبْغُوا} أي: فلا تطلبوا عليهن سبيلًا، من بَغَى الضلالة، إذا طلبها. وقيل: هو من البغي الذي هو الظلم والتعدي، فيكون {سَبِيلًا} على هذا منصوبًا على تقدير حذف الجار، أي بسبيل، لكون البغي غير متعد، تقول: بَغَى فلان على فلان، أي: استطال (١).

و{عَلَيْهِنَّ} في موضع نصب على الحال على تقدير تقديمه على الموصوف وهو {سَبِيلًا}.

{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (٣٥)}:

قوله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} الشقاق: الخلاف والعداوة، والأصل: وإن خفتم شقاقًا بينهما، ثم أضيف إلى الظرف على طريق الاتساع، فخرج الظرف عن أن يكون ظرفًا لأجل إضافة الشقاق إليه، كما خرج الليل والنهار عن أن يكونا ظرفين في قوله عز وجل: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} (٢)، لأجل إضافة المكر إليهما.

وقد جوز أن يكون البين مُشَاقًّا، والليل والنهار ماكرين على حد قولهم: نهارُكَ صائم، وليلُكَ نائم. والضمير في {بَيْنِهِمَا} للزوجين، ولم يَجْر ذكرُهما لجري ذكر ما يدل عليهما وهو الرجال والنساء في قوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} (٣).

وقوله: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} (مِن) يحتمل أن يكون متعلقًا بقوله: {فَابْعَثُوا}، وأن يكون متعلقًا بمحذوف على أن تجعله نعتًا لحكم، ومثله {وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}، وإنما كان بعث الحكمين من أهلهما؛ لأن الأقارب أعرف ببواطن الأحوال وأكثر اجتهادًا وطلبًا للصلاح من الأباعد.


(١) انظر وجهي الإعراب هذين في التبيان ١/ ٣٥٥.
(٢) سورة سبأ، الآية: ٣٣.
(٣) من الآية السابقة، وانظر هذا الإعراب في الكشاف ١/ ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>