للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: يودون أنهم لم يبعثوا، وأنهم كانوا والأرضُ سواءً، وقيل: تصير البهائم ترابًا فَيَودُّونَ حالها (١).

وقرئ: (تَسَّوَّى) بفتح التاء وتشديد السين على البناء للفاعل (٢) وهو الأرض، وأصله تتسوى، فأدغمت التاء في السين بعد قلبها سينًا.

وقرئ: (تَسَوّى) (٣) بحذف إحدى التاءين وهي الثانية، يقال: سويته فتسوى.

وقوله: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} قد جوز أن يكون عطفًا على ما قبله داخلًا تحت التمني بعدما نطقت جوارحهم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٤)، وأن يكون حالًا، أي: يَوَدّون أن يدفنوا تحت الأرض وأنهم لا يكتمون الله حديثًا، ولا يَكْذِبون في قولهم: والله ربنا ما كنا مشركين، لأنهم إذا قالوا ذلك وجحدوا شركهم، ختم الله على أفواههم عند ذلك، وتكلمت أيديهم وأرجلهم بتكذيبهم والشهادة عليهم بالشرك على ما فسر (٥)، وأن يكون استئناف كلام من الله تعالى، على معنى: ولا يقدرون على كتمانه؛ لأن جوارحهم تشهد عليهم (٦).

فإن قلتَ: كيف صورة الحال من جهة الصناعة؟ قلت: يودون التسوية غير كاتمين الحديث من الله جل ذكره.


(١) الكشاف ١/ ٢٦٩.
(٢) قرأها المدنيان، وابن عامر، كما سيأتي.
(٣) أيضًا من المتواتر، للكوفيين سوى عاصم. وانظر القراءات الثلاث في السبعة / ٤٣٤/، والحجة ٣/ ١٦١/، والمبسوط/ ١٧٩/، والنشر ٢/ ٢٤٩.
(٤) انظر تفسير الطبري ٥/ ٩٤.
(٥) المصدر السابق.
(٦) هذا الوجه للفراء ١/ ٢٧٠، والزجاج ٢/ ٥٤. وقدمه الزمخشري ١/ ٢٦٩. واقتصر ابن الأنباري ١/ ٢٥٥، والسمين ٣/ ٦٨٦ - ٦٨٧ على الوجهين الأولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>