للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} متعلق بتقربوا محذوفٍ دل عليه {لَا تَقْرَبُوا}، أي: ولا تقربوها جنبًا حتى تغتسلوا. {مِنْكُمْ}: في موضع رفع لكونه نعتًا لأحد.

وقوله: {مِنَ الْغَائِطِ} في موضع نصب مفعول {جَاءَ}، كقولك: أتيت الغائط. وأصل الغائط: المُطْمَئِنُّ من الأرضِ الواسعُ، وجمعه غُوْطٌ وأغواطٌ وغِيطانٌ، قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها، وكانوا إذًا أرادوا قضاء الحاجة أتوا غائطًا، فَكُنِي عن الحدث بالغائط.

وقرئ: {مِنَ الْغَائِطِ} بياء ساكنة من غير ألف (١)، وذلك يحتمل وجهين: أن يكون تخفيف الغيط، كهَيْنٍ في هَيِّنٍ، والغَيِّطُ بمعنى الغائط. وأن يكون مصدر غاط يغوط، وكان القياسُ الغَوْطُ إلّا أن الواو قلبت ياء، كما قلبت في لا حول حين قالوا: لا حَيْلَ؛ لكونها أخف من الواو (٢).

وقوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ} قرئ بغير ألف بعد اللام، وبألف بعدها (٣)، وهما يحتملان أن يكونا بمعنى باشرتم، وأن يكونا بمعنى جامعتم، وأن يجمعا الأمرين. والوجه هو الأول؛ لأن حقيقة اللمس في اللغة تطلب الشيء باليد أو شبهها، وحمل الكتاب العزيز على الحقيقة أولى.

{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} الفاء جواب الشرط، وللمذكورين بعد الشرط وهم المرضى، والمسافرون، والمُحْدِثون، وأهل الجنابة، أُبِيح لهم التيممُ بشرائط معروفة. و {صَعِيدًا} مفعول بقوله: {فَتَيَمَّمُوا}، أي: فَتَعمَّدُوا


(١) نسبت إلى ابن مسعود رضي الله عنه، وقتادة، والزهري. انظر المحرر الوجيز ٤/ ١٢٩، والقرطبي ٥/ ٢٢٠، والبحر ٣/ ٢٥٨. وكذلك هي في المحتسب ١/ ١٩٠ لكنها بدون (أل) التعريف هكذا: (غيط).
(٢) انظر المحتسب في الموضع السابق.
(٣) كلاهما من المتواتر، قرأ حمزة، والكسائي، وخلف: (لمستم) بدون ألف. وقرأ الباقون: (لامستم) بالألف. انظر السبعة/ ٢٣٤/، والحجة ٣/ ١٦٣، والمبسوط/ ١٨٠/، والتذكرة ٢/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>