للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا} عطف أيضًا على {أَنْ نَطْمِسَ}، والكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، أي: لعنًا كما. و (ما) مصدرية، أي: نطردهم من رحمتنا بأن نمسخهم قِرَدَةً، كما مسخنا أوائلهم الذين عصوا بصيد الحيتان في السبت زمن داود على نبينا وعليه الصلاة والسلام.

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (٤٨)}:

قوله عز وجل: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} كلام مستأنف، أي: وهو يغفر ما دون الشرك، ولا يجوز أن يكون عطفًا على قوله: {لَا يَغْفِرُ} داخلًا في ضمن النفي؛ لفساد المعنى.

{لِمَنْ يَشَاءُ}، أي: لمن يشاء أن يغفر لهم.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٤٩)}:

قوله عز وجل: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٤٩)} (فتيلًا) مفعول ثان، وفي الكلام حذف مضاف، أي: ولا ينقصون مقدار فتيل، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وقد جوز أن يكون منصوبًا على التمييز (١)، والوجه هو الأول؛ لأن ظَلَمَ يتعدى إلى مفعولين إذا كان بمعنى النقص، يقال: ظلمتُه حَقَّه، إذا نَقَصتَه إياه.

واختُلف في الفتيل، فقيل: هو الذي يكون في شَقِّ النواة، وقيل: ما فَتَلْتَهُ بين إصبعيك من الوسخ، وهو فعيل بمعنى مفعول (٢).


(١) الذي جوزوه هنا أن يكون نعتًا لمصدر محذوف، انظر العكبري، والسمين. واقتصر ابن عطية ٤/ ١٤٧ على الأول.
(٢) انظر القولين في معنى الفتيل مخرجَين في جامع البيان ٥/ ١٢٨ - ١٣٠، والنكت والعيون ١/ ٤٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>