للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلتَ: الهاء في قوله: {مَّا فَعَلُوهُ}؛ إلى أي شيء يعود؟ قلتُ: يعود إلى محذوف وهو القتل، دل عليه {أَنِ اقْتُلُوا}، أو الخروج، دل عليه {أَوِ اخْرُجُوا}، أو المكتوب، دل عليه {كَتَبْنَا}، أو إلى المذكور من غير تعيين، أو إلى ذلك، أي: لو أوجبنا عليهم مثل ما أوجبنا على بني إسرائيل من قتلهم أنفسهم، أو خروجهم من ديارهم حين استُتِيبوا من عبادة العجل ما فعلوه إلّا ناسٌ قليل منهم.

وقوله: {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} أي: لكان فعلهم خيرًا لهم في العاجلة والآجلة. و {لَهُمْ} متعلق بقوله: {خَيْرًا}.

وقوله: {وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}: عطف على خبر كان، و {تَثْبِيتًا} منصوب على التمييز، أي: وأشدَّ تثبيتًا لإيمانهم وأبعدَ من الاضطراب فيه.

{وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٦٨)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا} (وإذن): جواب لسؤال مقدر، لأنَّ إذن جواب وجزاء، كأنه قيل: وماذا يكون لهم أيضًا بعد التثبيت؛ فقيل: لو ثبتوا لأعطيناهم من عندنا أجرًا عظيمًا جزاء على فعلهم.

و{مِنْ لَدُنَّا}: يحتمل أن يكون متعلقًا بقوله: لآتينا، وأن يكون متعلقًا بمحذوف على أنَّ تجعله حالًا من قوله: {أَجْرًا} على تقدير تقديمه عليه، وقد ذكرت نظيره في غير موضع.

وقوله: {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} عطف جملة على جملة، واللام لام الجواب، والفرق بين هذه اللام ولام الابتداء وكلاهما للتأكيد: أن لام الابتداء لا تدخل إلّا على الاسم المبتدأ، ما عدا باب (إنَّ) خاصة فإفها زحلقت إلى الخبر كراهة اجتماع حرفي توكيد في حدر الكلمة، وإنما زحلقت اللام دون إنَّ، لأَنَّ لـ (إنَّ) فضيلة العمل، وأما لام الجواب فتقع غير مُبتدأَةٍ. و {صِرَاطًا}: مفعول ثان.

<<  <  ج: ص:  >  >>