للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: هو أن يبدأ بالشتيمة فَيَرُدَّ على الشاتم مثل ذلك، كقوله: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} (١).

وقيل: هو منقطع، ونزلت بسبب رجل ضاف قومًا فلم يطعموه، فَذَكَرَهُمْ بما فعلوه، فعابوه بذلك فنزلت (٢)، فالمعنى على هذا: لكن من ظلم فله أن يَذْكُرَ ما فُعِلَ به، فتكون (مَن) في موضع نصبٍ.

وقرئ: (إلا من ظَلَم) على البناء للفاعل (٣)، وفيه أيضًا وجهان:

أحدهما: أنه متصل، والمعنى: ما يفعل الله بعذابكم إلا من ظَلَم.

والثاني: أنه منقطع، والمعنى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول، لكن من ظَلَم فإنه مرتكب ما لا يحبه الله فيجهر بالسوء. [أو لكن الظالم دعه فإن الله تعالى سيجازيه. أو لكن الظالم يجهر بالسوء ظلمًا. أو لكن الظالم فاجهروا له بالسوء جزاءً] (٤).

و(مَن) في موضع نصب على كلا التقديرين، ويحتمل أن يكون في موضع رفع على البدل من اسم الله جل ذكره بمعنى: لا يحب الله الجهر بالسوء إلّا من ظَلَمَ، أي: إلّا الظالم، كما تقول: ما جاءني زيد إلّا عمرو، بمعنى ما جاءني إلّا عمرو، ومنه قوله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (٥) فالرفع في اسم الله تعالى على البدل من (مَن) بمعنى: لا يعلم أحد الغيب إلا الله، أي: لا يعلمه إلا الله، فاعرفه فإنه موضع.


(١) سورة الشورى، الآية: ٤١. وانظر هذا القول في الكشاف الموضع السابق.
(٢) هذا قول ابن مجاهد كما في جامع البيان ٦/ ٢. ومعاني النحاس ٢/ ٢٢٦.
(٣) شذوذًا، ونسبها النحاس في معانيه ٢/ ٢٢٥ إلى زيد بن أسلم، وابن أبي إسحاق، ونسبها ابن جني في المحتسب ١/ ٢٠٣ إلى كثيرين غيرهما، وانظر المحرر الوجيز ٤/ ٢٩٤.
(٤) ما بين المعكوفتين ساقط من (أ) و (د) و (ط).
(٥) سورة النمل، الآية: ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>