للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محذوفٍ و (ما) مصدرية، أي: أوحينا إليك إيحاءً مِثْلَ إيحائنا إلى نوحٍ، أو لِعَينٍ محذوفٍ فتكون (ما) موصولة، أي: أوحينا إليك شيئًا مثل الذي أوحيناه إلى نوح من الأحكام وغيرها (١).

وقوله: {مِنْ بَعْدِهِ} (من) متعلقة بأوحينا، أو بالنبيين، ولا يجوز أن تكون حالًا من {النَّبِيِّينَ}؛ لأن ظرف الزمان لا يكون حالًا لِلجُثَّة، كما لا يكون خبرًا عنها.

وقوله: {إِلَى إِبْرَاهِيمَ} إلى قوله: {وَسُلَيْمَانَ} كل هذه الأسماء عطف على {إِبْرَاهِيمَ}، وجميعها أعجمية ما عدا {وَالْأَسْبَاطِ}، وهو جمع سِبط، وقد مضى الكلام عليه في "البقرة" (٢). والمانع لهذه الأسماء من الصرف العجمة والتعريف.

وقوله: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} قرئ: بفتح الزاي على أنه مفرد كالتوراة والإنجيل، وهو فعول بمعنى مفعول، من زَبَرْتُ الكتاب، إذا كَتَبْتَهُ. وقرئ: بضمها (٣)، على أنه جمع زبور بحذف الزيادة، كأن الواو حذفت فبقي زَبْرٌ، ثم جُمع على فُعول كبحر وبحور، كما جمع ظريف على ظروف، كأنه ظرف أو مصدر كالدُخُول سُمّي به الكتاب.

قال أبو إسحاق: وأصل الزَّبْرِ في اللغة: إحكام العمل في البئر


(١) فيكون إعراب الكاف على الوجه الأول نعتًا لمصدر محذوف، وعلى الوجه الثاني: مفعولًا به لـ (أوحينا).
(٢) إن عني الكلام على (الأسباط)، فلم أجد ذلك على الرغم من أن ذِكْره قد تقدم في موضعين من البقرة، وموضع من آل عمران، وعلى كل حال فالأسباط: هم ولد الولد، وقيل: ولد البنت، ومنه: الحسن والحسين سبطا رصول الله - صلى الله عليه وسلم -. والسبط من اليهود كالقبيلة من العرب، أخرج الإمام الطبري ١/ ٥٦٨: عن قتادة قال: الأسباط: يوسف وأخوته بنو يعقوب وَلَد اثني عشر رجلًا، فولد كل رجل منهم أمة من الناس، فسموا أسباطًا، وقيل في اشتقاقه أنه من السَّبْط، وهو التتابع، وقيل غير ذلك.
(٣) الأكثر على الأولى، وقرأ حمزة وخلف: (زُبورا) بضم الزاي. انظر السبعة/ ٢٤٠/، والحجة ٣/ ١٩٣، والمبسوط / ١٨٣/، والنشر ٢/ ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>