للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {بَعْدَ الرُّسُلِ} يحتمل أن يكون ظرفًا لاسم يكون، أو لخبرها، وأن يكون في موضع رفع صفة لاسمها.

{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (١٦٦) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (١٦٧)}:

قوله عز وجل: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} الجمهور على تخفيف {لَكِنِ} ورَفْعِ اسمِ اللَّهِ على الابتداء.

وقريء: (لكنَّ) بالتشديد ونصب ما بعدها (١). والخبر {يَشْهَدُ} على كلتا القراءتين، وإن كان حكمه مختلفًا على المذهب المنصور، وهذا محمول على المعنى؛ لأن الاستدراك لا بد له من مستدرَك، وفيه وجهان:

أحدهما: أنه لما سأل أهل الكتاب إنزال الكتاب من السماء وتعنتوا بذلك، واحتج عليهم بقوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} (٢) قال: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ}، بمعنى أنهم لا يشهدون ولكن الله يشهد.

[والثاني: أنه لما نزل {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} قالوا: ما نشهد بهذا، فنزل: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ}] قاله الزمخشري (٣).

وقوله: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} (بعلمه) في موضع نصب على الحال إمّا من المفعول وهو الهاء في {أَنْزَلَهُ}، أي: أنزله ملتبسًا بعلمه، أو معلومًا، أو أنزله وهو معلومه، أو من الفاعل وهو المستكن في {أَنْزَلَهُ}، أي: أنزله وهو عالم بأنك أهل لإنزاله إليك، أو أنزله وهو عالم به رقيب عليه حافظ له {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٤).


(١) شاذة، نسبها الزمخشري ١/ ٣١٤ إلى السلمي، وأضافها ابن عطية ٤/ ٣١٣ إلى الجراح الحكمي أيضًا.
(٢) من الآية (١٦٣) المتقدمة.
(٣) الكشاف ١/ ٣١٤ - ٣١٥. وما بين المعكوفتين ساقط من (د) و (ط).
(٤) سورة الحجر، الآية: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>