للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفهم من اختلاف العبارات اختلاف المرادات» (١).

ومن أمثلته لفظ "تبسل" في قوله تعالى: {وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ} (٢)، فمن عبارات السلف في معناها: تُرتهن، وقيل بمعنى: تُحبس، وقيل: تُسلم، وقيل: تُؤخذ.

وقد علق ابن كثير على هذه الأقوال بقوله: «وكل هذه العبارات متقاربة في المعنى؛ وحاصلها الإسلام للهلكة والحبس عن الخير، والارتهان عن درك المطلوب، كما قال: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ} (٣)» (٤).

وبهذا التفصيل يمكن تصنيف كثير من اختلاف الصحابة والتابعين في التفسير على أنه من اختلاف التنوع، وأن الخلاف الحقيقي المعتبر مما له ثمرة قليل.

وبتصنيف أكثر تفسير الصحابة والتابعين على أنه من اختلاف التنوع يمكن القول بأن اختلافهم يفيد المفسر في فهم القرآن الكريم، فهو يثري معارفه ويعطيه مجالات أرحب في فهم الآيات؛ لأن حقيقة هذا الاختلاف زيادة في إيضاح معنى


(١) البرهان (٢/ ٣٠١)، وانظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٣/ ٣٤١).
(٢) سورة الأنعام من الآية (٧٠).
(٣) سورة المدثر الآيتان (٣٨، ٣٩).
(٤) تفسير القرآن العظيم (٣/ ٢٧٤)، وانظر: جامع البيان (٩/ ٣٢٠ - ٣٢٢)، وتفسير ابن أبي حاتم (٤/ ١٣١٨)، والجامع لأحكام القرآن (٣/ ٢٤٥٢)، وبحوث في أصول التفسير ومناهجه د. الرومي (ص ٤٤).

<<  <   >  >>