للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً

الرجوع عن القول

رجوع المفسر عن رأيه يعتبر نقداً له؛ إذ لو كان صحيحاً عنده لم يرجع عنه، وقد ذكر الأصوليون أن المجتهد إذا كان له في مسالة قولان، وعلم المتأخر منهما، فالمتأخر هو المعتمد، ويعتبر ناسخاً للقول الأول؛ لما فيه من الرجوع عنه، وهذا قول أكثرهم، ومن قال: إن المعتمد الأول - على ضعف هذا القول - اشترط بأن لا يصرح برجوعه عن قوله الأول، والشواهد الآتية جاء التصريح في أغلبها برجوع قائليها عن أقوالهم، وقد جاء عن الشافعي أنه قال: «ليس في حل من روى عني القديم» (١)، ومن أمثلته:

١ - رجوع ابن عباس عن رأيه في عدة الحامل المتوفى عنها، وكان يرى أنها تعتد بأبعد الأجلين؛ مستدلاً بقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (٢)، وقوله: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ


(١) البحر المحيط للزركشي (٦/ ٣٠٤)، وانظر في هذه المسألة: المسودة (ص ٥٢٦)، وروضة الناظر (٣/ ١٠١٣)، والإحكام للآمدي (٤/ ٢٠١)، وشرح مختصر الروضة (٣/ ٦٢٥)، وشرح الكوكب المنير (٤/ ٤٩٤)، وإرشاد الفحول (ص ٢٦٣).
(٢) سورة البقرة من الآية (٢٣٤).

<<  <   >  >>