أحدثت الفتن التي ظهرت في عصر الصحابة - رضي الله عنهم - بلبلة فكرية بين أوساط كثير من الناس، فضعف تمييزهم بين الحق والباطل، والتبس عليهم فهم نصوص الكتاب والسنة، مما هيأ أرضاً خصبة لنشوء البدع والأهواء، فبدأت البدع بالظهور والتنامي، وأصبح لها أربابها ومنظروها، ولكي تجد تلك البدع والأهواء رواجاً بين الناس اجتهد أصحابها في تأييدها، ولم يجدوا لتأييدها أفضل من القرآن الكريم لأسبابٍ من أبرزها: ما يحظى به القرآن الكريم من المكانة العظيمة في قلوب الناس عامة، وأيضاً ما يجده أهل البدع في القرآن من الآيات المتشابهة، التي تخفى على العامة فيتأثرون بها.
ومما هيأ للبدع أن تجد قبولاً بين الناس قوة أربابها أحياناً واشتداد شوكتهم في بعض الأمصار، فقوي تأثيرهم في الناس، أضف إلى ذلك انتساب بعض المبتدعة للعلم واجتهادهم في العبادة، وظهورهم بمظهر الصالحين مما أسهم في انخداع كثير من الناس بمظهرهم مما أوجب على العلماء التصدي لهم والرد عليهم.
وفيما يتعلق بالقرآن الكريم، فقد اتخذ المبتدعة طرقاً مختلفة في تأييد بدعهم بالقرآن، مما استدعى يقظة الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم -، فقاموا بالرد عليهم سواءٌ فيما يتعلق بانحراف منهجهم في الاستدلال بالقرآن، كقول ابن عمر عن الخوارج: