للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومبدأ كل فتنة، ومقدمة كل انحراف، وإذا كان للمرء غرض في موافقة القرآن لضلالته التي يدعو إليها، فلن يألو جهداً في البحث عما يعضدها من آيات الكتاب، وقد جاء التحذير من اتباع الهوى في تأويل القرآن، فعن عمر - رضي الله عنه - قال: «إن هذا القرآن كلام الله عز وجل، فضعوه على مواضعه، ولا تتبعوا فيه أهواءكم» (١).

قال ابن تيمية عن أهل البدع: «وكثير منهم إنما ينظر من تفسير القرآن والحديث فيما يقوله موافقوه على المذهب، فيتأول تأويلاتهم، فالنصوص التي توافقهم يحتجون بها، والتي تخالفهم يتأولونها، وكثير منهم لم يكن عمدتهم في نفس الأمر اتباع نصٍ أصلاً، وهذا في البدع الكبار مثل: الرافضة والجهمية (٢)، فإن الذي وضع الرفض كان زنديقاً، ابتدأ تعمد الكذب الصريح الذي يعلم أنه كذب، كالذين ذكرهم الله من اليهود الذين يفترون على الله الكذب وهم يعلمون، ثم جاء من بعدهم من ظن صدق ما افتراه أولئك، وهم في شك منه، كما قال تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} (٣) وكذلك الجهمية» إلخ (٤).


(١) الزهد للإمام أحمد (ص ٣٥)، والسنة لعبد الله بن أحمد (١/ ١٣٦، ١٤٤)، وهو في الأسماء والصفات للبيهقي (١/ ٣٧٨) مختصراً.
(٢) هم من غلاة المعطلة؛ أتباع الجهم بن صفوان الذي ظهر بترمذ في آخر زمن الأمويين، ومذهبهم قائم على التعطيل ونفي الأسماء والصفات، وأن الإنسان مجبور على أفعاله، وأن الجنة والنار تفنيان، وعندهم أن الإيمان المعرفة بالقلب فقط.
انظر: مقالات الإسلاميين (ص ١٣٢، ٢٧٩)، والملل والنحل للشهرستاني (١/ ٨٦).
(٣) سورة الشورى من الآية (١٤).
(٤) مجموع الفتاوى (١٧/ ٤٤٥ - ٤٤٦)، وانظر (١٣/ ٣١) من الكتاب نفسه.

<<  <   >  >>