للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن هذه القضية والتي قبلها، وذكر ما ورد عن الصحابة والتابعين في نقدهما.

ثالثاً: التمسك بالآيات العامة، ومواجهة الخصوم بها من غير نظر في مخصصاتها ومقيداتها، والإعراض عن الجمع بين الآيات والتوفيق بينها، وكذلك إهمال ما يبين معنى الآية كسبب النزول، فبسبب أن الآية تتفق مع معتقداتهم يتشبثون بها متجاهلين ما جاء في بيان معناها، كتمسك الخوارج بقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (١)، والاستدلال بها على تكفير كل من لم يحكم بما أنزل الله دون النظر في الأدلة الأخرى، فقد جاء ناس من الخوارج (٢) إلى أبي مجلز - رحمه الله - (٣)، وقالوا له: «يا أبا مجلز أرأيت قول الله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} أحق هو؟ ، قال: نعم! ، قالوا: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (٤) أحق هو؟ ، قال: نعم! ، فقالوا: يا أبا مجلز فيحكم هؤلاء بما أنزل الله؟ ، قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه


(١) سورة المائدة من الآية (٤٤)، وانظر: الملل والنحل (١/ ١١٧)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (١٣/ ٢٠٨).
(٢) وفي بعض الروايات أنهم من الإباضية كما في جامع البيان (٨/ ٤٥٨).
(٣) هو لاحق بن حميد بن سعيد السدوسي البصري، اشتهر بكنيته، روى عن ابن عمر وابن عباس، وعنه قتادة وسليمان التيمي، وهو من الثقات المخرج لهم في الكتب الستة، توفي سنة (١٠٦ وقيل ١٠٩).
انظر: التاريخ الكبير (٤/ ٢/٢٥٨)، والجرح والتعديل (٤/ ٢/١٢٤)، وتهذيب التهذيب (٤/ ٣٣٥).
(٤) سورة المائدة من الآية (٤٥).

<<  <   >  >>