دفاعًا عن القرآن، وذوداً عن حياضه، وحماية له من تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين.
وقد تزامن الدفاع عن القرآن وتفسيره مع الدفاع عن السنة النبوية، فكما انبرى المحدثون للدفاع عن السنة، واجتهدوا في حمايتها، انبرى المفسرون للدفاع عن تفسير القرآن الكريم.
إلا أن المحدثين في دفاعهم عن السنة اهتموا بدرجة أكبر بنقد الأحاديث من حيث بيان الصحيح من الضعيف، وتتبع رجال الإسناد والكشف عن أحوالهم تعديلاً وتجريحاً.
ولأن صحة القرآن الكريم والقطع بثبوته قضية محسومة بإجماع الأمة على تواتر ما بين دفتي المصحف، فقد اهتم العلماء والمفسرون بتفسير القرآن وتأويله، فنظروا في المناهج والكتب، والمرويات والأقوال، ونقدوا ما يحتاج إلى نقد؛ انطلاقاً من قواعد مقررة في هذا العلم.
وترجع جذور نقد التفسير إلى زمن النبوة، فقد أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على بعض الصحابة فهمهم الخاطئ لبعض الآيات، وبعد عصره - صلى الله عليه وسلم - قام الصحابة والتابعون - رضي الله عنهم - بجهد واضح في نقد التفسير بحسب ما جد في عصرهم.
وبعد عصرهم ازداد الخلاف، وكثرت البدع، فزاد تبعاً لذلك الانحراف في فهم القرآن، والخطأ في تفسيره، فاتسعت دائرة النقد وتعددت مجالاته وأساليبه، وكلما كثر الخطأ والانحراف في التفسير اتسع النقد وتشعبت فروعه، وتنوعت طرقه وأساليبه.