للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على المدينة، فإذا جابر بن عبد الله يحدث القوم؛ جالس إلى سارية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فإذا هو قد ذكر الجهنميين، قال: فقلت له: يا صاحب رسول الله ما هذا الذي تحدثون؟ ! والله يقول: {إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} (١)، و {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} (٢)، فما هذا الذي تقولون؟ ! ، قال: فقال: أتقرأ القرآن؟ ، قلت: نعم، قال: فهل سمعت بمقام محمد - عليه السلام -؟ - يعني الذي يبعثه الله فيه - قلت: نعم، قال: فإنه مقام محمد - صلى الله عليه وسلم - المحمود الذي يخرج الله به من يخرج، قال: ثم نعت وضع الصراط ومرَّ الناس عليه، قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك، قال: غير أنه قد زعم أن قوماً يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها، قال: فيخرجون كأنهم عيدان السماسم (٣)، قال: فيدخلون نهراً من أنهار الجنة، فيغتسلون فيه، فيخرجون كأنهم القراطيس، فرجعنا وقلنا: ويحكم أترون الشيخ يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ! ، فرجعنا فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد» (٤).

٢ - وعن طلق بن حبيب قال: «كنت من أشد الناس تكذيباً بالشفاعة، حتى لقيت جابر بن عبد الله، فقرأت عليه كل آية ذكرها الله عز وجل فيها خلود


(١) سورة آل عمران من الآية (١٩٢).
(٢) سورة السجدة من الآية (٢٠).
(٣) السماسم جمع سمسم وهو هذا النبت المعروف، وعيدانه إذا قلعت وتركت في الشمس ليؤخذ حبها صارت دقاقاً سوداً كأنها محترقة، فشبه بها هؤلاء، وقيل: لعله الساسم وهو عود أسود، انظر: النهاية في غريب الحديث (٢/ ٤٠٠) مادة "سمسم"، وشرح النووي على مسلم (٣/ ٥١).
(٤) صحيح مسلم، كتاب الإيمان (١/ ١٧٩) برقم (١٩١).

<<  <   >  >>