للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالعمل به، فيلزمهم معرفة تفصليه (١).

وجاء في كلام السدي ما يدل على أن المنسوخ بمعناه الواسع داخل في المتشابه، ففي قوله تعالى: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} قال - رحمه الله -: «يتبعون المنسوخ والناسخ، فيقولون: ما بال هذه الآية عمل بها كذا وكذا مكان هذه الآية، فتركت الأولى وعمل بهذه الأخرى، هلاّ كان العمل بهذه الآية قبل أن تجيء الأولى التي نسخت؟ ! ، وما باله يعد العذاب من عمل عملاً يعذبه في النار، وفي مكان آخر من عمله فإنه لم يوجب النار؟ » (٢).

الصورة الثانية: ما احتمل أوجهاً من التأويل، وعدم القطع بأحد احتمالات التأويل يجعل الآية مشتبهة خفية المعنى عند من لم يقطع بشيء فيها، وقد صنف الطبري تحت هذه الصورة قول محمد بن جعفر بن الزبير (٣) في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ}، قال: «فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل، ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعت


(١) انظر في ذلك: مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٣/ ٢٧٢، ١٤/ ١٠١، ١٣٣، ١٧/ ٣٨٨)، وإعلام الموقعين (١/ ٣٥)، والموافقات (٣/ ٣٠٦، ٣٤٤).
(٢) جامع البيان (٥/ ٢٠٥).
(٣) ابن العوام القرشي الأسدي، روى عن عمه عبد الله بن الزبير ولم يسمع منه، وروى عنه ابن إسحاق وابن جريج، وكان من فقهاء المدينة وقرائهم، وحديثه في الكتب الستة، توفي بعد سنة عشرٍ ومائة.
انظر: التاريخ الكبير (١/ ١/٥٤)، وتهذيب التهذيب (٣/ ٥٣٠).

<<  <   >  >>