للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متبعي المتشابه ذكر صفتهم المنفرة عنهم، وهي زيغ قلوبهم وانحرافها، وذكر علتهم ومقصدهم في اتباع المتشابه، وهي اتباعه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وهذان الأمران - أعني زيغ القلوب وابتغاء الفتنة - يمنعان المرء من الوصول إلى المعنى الصحيح للآية (١).

ومن صور الفتنة التي يسعى إليها من يطلب تفسير المتشابه ويثير الأسئلة حوله: اتباع المتشابه للاستدلال به على أهوائه وآرائه، وتفسيره بما يتفق مع مذهبه ومعتقده، وفي المقابل مجادلة أهل السنة ومخاصمتهم به، والتشكيك في قناعات ومعتقدات عامة الناس، ومما يؤكد إرادته الفتنة أنه في مقابل اتباع المتشابه يدع الآيات الواضحة البينة المحكمة التي لا لبس فيه ولا غموض، ولا تحتاج إلى تكلف تأويلها، كمن يترك قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (٢)، وقوله تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} (٣)، وقوله: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} (٤)، وقوله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (٥)، فيدع هذه الآيات المحكمات الصريحة في


(١) انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٣/ ٢٧٥).
(٢) سورة البقرة آية (١٦٣).
(٣) سورة طه من الآية (١٤).
(٤) سورة المؤمنون من الآية (٩١).
(٥) سورة الصمد الآيتان (٣، ٤).

<<  <   >  >>