للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقص، فكره ذلك له، وقال: «أخشى عليك أن تقص فترتفع عليهم في نفسك، ثم تقص فترتفع، حتى يخيل إليك أنك فوقهم بمنزلة الثريا، فيضعك الله تحت أقدامهم يوم القيامة بقدر ذلك» (١).

ومر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بقاص، فقال: «ما كنيتك؟ قال: أبو يحيى، فقال: بل أنت أبو اعرفوني» (٢).

ومر بآخر فقال: «ما هذا؟ ، فقالوا: رجل يذكر الناس، فقال: ليس برجل يذكر الناس، ولكنه يقول: أنا فلان بن فلان فاعرفوني» (٣).

هذه أبرز أسباب انتقاد الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - للقصاص، ولا يفهم منه ذم القصاص بعامة، وإنما ذم من اتصف بهذه الصفات ونحوها مما يقدح في القاص ويفقده مصداقيته، ويقلل من تأثيره في الناس، وأكثر النقد الوارد عن الصحابة والتابعين معلل بما تقدم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - عندما ذكر القصاص ذم نوعاً واحداً منهم، ولو كان صنيع القصاص مذموماً بإطلاق لما أذن عمر - رضي الله عنه - لتميم الداري وغيره.


(١) مسند أحمد (١/ ١٨)، وتحذير الخواص (ص ٢٣٣).
(٢) مصنف عبد الرزاق (٣/ ٢٢١).
(٣) الناسخ والمنسوخ للنحاس (١/ ٤١٠)، وانظر الاعتبار للحازمي (ص ٦)، وتحذير الخواص (ص ٢٤١)، وجاء نحوه عن ابن عمر عند الطبراني في المعجم الكبير (١٢/ ٢٠٥)، وانظر: مجمع الزوائد (١/ ١٨٩)، والباعث على الخلاص (ص ٨٤)، وتحذير الخواص (ص ٢٢٨).

<<  <   >  >>